به فاستحيى من ذلك أ هو ممن يستطيع إليه سبيلا؟ قال: نعم ما شأنه يستحيي ولو يحج على حمار أبتر فإن كان يطيق أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج. موسى بن القاسم عن معاوية بن وهب عن صفوان عن العلاء عن محمد بن مسلم قال:
قلت لأبي جعفر قوله: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، قال:
يكون له ما يحج به، قلت: فإن عرض عليه الحج فاستحيا قال: هو ممن يستطيع ولم يستحي ولو على حمار أجدع أبتر، قال: فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل.
قال محمد بن إدريس: فجعل شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله هذه الأخبار عمدته، وبها صدر الباب في ماهية الاستطاعة وأنها شرط في وجوب الحج وهذه طريقته في هذا الكتاب أعني كتاب الاستبصار، يقدم في صدر الباب ما يعمل به من الأخبار ويعتمد عليه ويفتي به، وما يخالف ذلك يؤخره ويتحدث عليه، هذه عادته وسجيته وطريقته في هذا الكتاب فمذهبه في الاستبصار هو ما اخترناه وقد رجع عن مذهبه في نهايته وجمله وعقوده واختار في استبصاره ما ذكرناه، ثم قال رحمه الله: فأما ما رواه الحسن بن سعيد عن القاسم بن أحمد عن علي عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله ع قول الله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، قال: يخرج ويمشي إن يكن عنده مركب، قلت: لا يقدر على المشي قال: يمشي ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك - أعني المشي - قال: يخدم القوم ويخرج معهم.
عنه عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار قال: سألت أبا عبد الله ع عن رجل عليه دين أ عليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من استطاع المشي من المسلمين، ولقد كان من حج مع النبي ع أكثرهم مشاة ولقد مر رسول الله ص بكراع الغميم فشكوا إليه الجهد والعياء، فقال: شدوا إزاركم واستبطئوا، ففعلوا ذلك فذهب عنهم.
قال رحمه الله: فلا تنافي بين هذين الخبرين والأخبار الأولة المتقدمة لأن الوجه فيهما أحد شيئين، أحدهما أن يكونا محمولين على الاستحباب، لأن من أطاق المشي مندوب إلى الحج وإن لم يكن واجبا يستحق بتركه العقاب ويكون إطلاق اسم الوجوب على ضرب من التجوز مع أنا قد بينا أن ما هو مؤكد شديد الاستحباب يجوز أن يقال فيه: إنه