متنحيا عن الناس ثم قلت: من يعرف الكيس؟ فأول صوت صوته إذا رجل على رأسي يقول: أنا صاحب الكيس فقلت في نفسي أنت فلا كنت قلت: ما علامة الكيس؟
فأخبرني بعلامته فدفعته إليه، فتنحى ناحية فعدها فإذا الدنانير على حالها، ثم عد منها سبعين دينارا فقال: خذها حلالا خير من سبع مائة حراما فأخذتها، ثم دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته كيف تنحيت وكيف صنعت، فقال: أما إنك حين شكوت إلي أمرنا لك بثلاثين دينارا يا جارية هاتيها فأخذتها وأنا من أحسن قومي حالا " (1).
ورواه الشيخ (2) بإسناده عن أحمد بن محمد حيث قرره الإمام عليه السلام وإن أمكن أن يكون دفعه لحصول القطع له من جهة ذكر العلامة فليس التقرير على الظن إلا أن يكون التقرير مع احتمال كون الدفع بمجرد حصول الظن الاطميناني المعتبر عند العقلاء ويظهر من بعض الكلمات الفرق بين صورة حصول العلم وقيام البينة فيجب الرد وبين صورة حصول الظن من جهة الوصف فيجوز.
ويمكن أن يقال: إن كان مثل ما ذكر حجة يجب الرد وإن لم يكن حجة فما معنى رد مال الغير إلى غير صاحبه فالظاهر أنه مع حصول الاطمينان بناء العقلاء على ترتب الأثر ولم يردع عنه إلا في بعض الأمور كمقام الشهادة وقد يفرع على ما ذكر من جواز الرد مع حصول الظن أنه لو قامت البينة على أن صاحب اللقطة غير من وصف ينتزع منه ويرد إلى من قامت البينة على أنها ماله.
ويمكن أن يقال البينة حجة شرعية تقدم على الأصول لتقدم الأمارة على الأصل وتقدم على بعض الأمارات كاليد ولذا إذا قامت البينة على ملكية عين لغير ذي اليد تؤخذ العين من ذي اليد.
وأما تقدم البينة في مثل المقام فيحتاج إلى دليل وعلى فرض التقدم أيضا لا يوجب التقدم جواز الرد بل الظاهر وجوب الرد كما تقدم على اليد ومع ذلك تكون