كما لو غرس باعتقاد أن الأرض أرضه حيث إنه لا يعد ظالما ولا يصدق عرق ظالم والظاهر مدخلية الظلم فمقتضى قاعدة السلطنة تسلط مالك الأرض ومقتضى قاعدة نفي الضرر الحاكم دليلها على دليل قاعدة السلطنة عدم التسلط.
وأما إلزام الغاصب طم الحفر والأرش إن نقصت الأرض بالزرع أو بالقلع فالظاهر عدم الخلاف فيه، ويمكن أن يقال: ما الفرق بين الحفر والهدم فلو هدم البناء يكون الهادم ملزما بأن يبني كما كان أو يكون ملزما بدفع القيمة من جهة الخسارة الواقعة على صاحب البناء.
ولو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس لم يجب إجابته لقاعدة السلطنة. ولو تلف المغصوب واختلفا في القيمة فمقتضى القاعدة أن يكون القول قول من ينكر الزيادة وهو الغاصب غالبا لأن الأصل براءة ذمته عما زاد، وقيل إن القول قول المالك أخذا بظاهر صحيحة أبي ولاد المذكورة سابقا ففيها " فمن يعرف ذلك؟ - أي القيمة - قال أنت وهو إما أن يحلف هو على القيمة فتلزمك وإن رد اليمين عليك فحلفت على القيمة يلزمك ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين اكترى كذا وكذا فليزمك " ولا يبعد الحمل على بيان طريق معرفة القيمة كما يظهر من قوله على المحكي " فمن يعرف ذلك " فرفع اليد عن القاعدة المسلمة مشكل والحمد لله أولا وآخرا.