وهو كما ترى، وأما التمسك بقاعدة نفي الضرر والضرار فإن كان المراد من نفي الضرر والضرار الحرمة التكليفية نظير نفي الرفث والفسوق في الحج فلا يستفاد منها غير الحرمة التكليفية وإن كان المراد نفي الحكم الضرري ومن هذا يكون دليل القاعدة حاكما بالنسبة إلى الأدلة المثبتة للأحكام كدليل وجوب الوضوء والغسل مثلا فتكون القاعدة نافية للأحكام الضررية لا مثبتة للحكم أعني الضمان، هذا مع قطع النظر عما يقال من عدم الأخذ بعمومها بل يقتصر على ما عمل الفقهاء بها فيهما وإلا لزم فقه جديد، وليس المقام كما لو حفر بئرا في غير ملكه ووقع إنسان فيه من دون مباشرة لايقاعه حيث يحكم بضمان الحافر للبئر فإن التلف في هذه الصورة يستند إلى الحافر وفي مقامنا التلف لم يستند إلى المانع بل يستند إلى غيره وكان للممنوع أن يدافع، فمقامنا نظير الضد وقد حقق في مقامه أن وجود الضد ليس مستندا إلى عدم ضده، وأما صحة غصب العقار بمعنى تحققه فلا إشكال فيها لتحقق اليد عليه ولازم الاستيلاء بغير حق الضمان، ومنع تحقق اليد مكابرة.
ألا ترى صحة وقفه واحتاج الوقف إلى القبض وبعد تحقق اليد والاستيلاء إن كان بالاستقلال فلا إشكال في الضمان وأما مع الاشتراك مع صاحب العقار فقد يشك في الضمان من جهة عدم الاستقلال لكن لا مجال للشك لتحقق اليد وإلا لزم عدم ضمان المستولين على ملك الغير وهو كما ترى.
واختار في المتن ضمان النصف على تقدير الضمان، ويمكن أن يقال: الاثنان ضامنان للكل وتظهر الثمرة في صورة التلف فإن قيمة النصفين قد تنقص عن قيمة الكل فإنه يمكن أن يكون قيمة كل نصف مائة فمجموع القيمتين مائتان ويكون قيمة الكل أربع مائة فإذا تصرف المالك والغاصب لا يبعد أن يكون الغاصب ضامنا للمأتين لأن قيمة الكل أربع مائة هذا لو لم نقل بإمكان الاستيلاء التام لكل من الشخصين بالنسبة إلى المجموع نظير استيلاء الأب والجد على مال الصغير حيث إن كلا منهما يتصرف في الكل وكذلك الوكيلان وكما لو أذن المالك