الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٢٩٢
وبرهان هذا الأصل من جمله ما آتانيه ربى من الحكمة بحسب العناية الأزلية وجعله قسطى من العلم بفيض فضله وجوده فحاولت به اكمال الفسلفه وتتميم الحكمة وحيث إن هذا الأصل دقيق غامض صعب المسلك عسير النيل وتحقيق بالغ رفيع السمك بعيد الغور ذهلت عنه جمهور الحكماء وزلت بالذهول عنه اقدام كثير من المحصلين فضلا عن الانباع والمقلدين لهم والسائرين معهم فكما وفقني الله تعالى بفضله ورحمته الاطلاع على الهلاك السرمدي والبطلان الأزلي للماهيات الامكانية والأعيان الجوازية فكذلك هداني ربى بالبرهان النير العرشى إلى صراط مستقيم من كون الموجود والوجود منحصرا في حقيقة واحده شخصيه لا شريك له في الموجودية الحقيقية ولا ثاني له في العين وليس في دار الوجود غيره ديار وكلما يترائى في عالم الوجود انه غير الواجب المعبود فإنما هو من ظهورات ذاته وتجليات صفاته التي هي في الحقيقة عين ذاته كما صرح به لسان بعض العرفاء بقوله فالمقول عليه سوى الله أو غيره أو المسمى بالعالم هو بالنسبة اليه تعالى كالظل للشخص فهو ظل الله فهو عين نسبه الوجود (1) إلى العالم فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم انما هو أعيان الممكنات عليها امتد هذا الظل فيدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات ولكن بنور ذاته وقع الادراك لان أعيان الممكنات ليست نيره لأنها معدومه وان اتصفت بالثبوت بالعرض لا بالذات إذ الوجود نور وما سواه مظلم الذات فما يعلم من العالم الا قدر ما يعلم من الظل ويجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه ذلك الظل فمن حيث هو ظل له يعلم ومن

(1) المراد بالنسبة الإضافة الاشراقية لا النسبة المقوليه الاعتبارية كما لا يخفى والمراد بهذا العالم غير العالم الأول لان الأول هو الظل والثاني هو الظلمة والأول هو الوجود المنبسط والثاني هو الماهيات والأعيان الثابتة التي هي محل الظل ومجلى التجلي الإلهي ويمكن ان يكون هو اسما لا ضميرا راجعا إلى الظل أو العالم والمراد بالعينيه عدم البينونة المقوليه وانه موجود بوجود الله تعالى لا بايجاده من حيث إنه وجود منبسط وظل بما هو ظل وهو من صقع الحق تعالى وآله لحاظه لا ظهور لنفس الظل ولذا قال تعالى ا لم تر إلى ربك ولم يقل إلى ظل ربك س ره.
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست