واما قوله ومع هذا فكيف يجوز ان يكون الهيولى تتحرك إلى الصور وانما يأتيها الصور الطارية إلى آخره.
ففيه ان جهات الطلب وحركه إلى الصور فيها مختلفه كما مر وليست مقصوره على نحو واحد وجهه واحده فهي من حيث ذاتها تشتاق وتتحرك إلى الصورة اي صوره ما وجدت فإذا وجدت فسبيلها ان تبقى وتدوم لكن لما كان ما هذه حاله من الموجودات اي يكون مادة الجميع فشانها ان يوجد لها هذه الصورة وضدها فكان لكل منهما حق واستيهال فالذي لها بحق صورتها ان تبقى على الوجود الذي لها والذي لها بحق نفس ذات المادة ان يوجد وجودا آخر مضادا للوجود الذي لها وإذا كان لا يمكن ان يوفى لها هذان الحقان والاستيهالان معا في وقت واحد لزم ضرورة توفيه هذه إلى مده وتوفيه تلك إلى مده من الواهب الحق تعالى الموفى لكل ذي حق حقه والمعطى لكل قابل مستحقه فيوجد هذه الصورة مده محفوظه الوجود ثم يفسد ويوجد ضدها ثم يبقى تلك فإنه ليس وجود إحداهما وبقاؤها أولى من وجود الأخرى وبقائها وبالجملة تشوق المادة واستيهالها باعتبار نفسها مشترك بين الصورتين المتضادتين من غير اختصاص بإحداهما دون الأخرى ولما لم يمكن ان يحصل لها صورتان معا في وقت واحد لزم ضرورة ان يعطى لها ويتصل بها أحيانا هذا الضد وأحيانا ذلك الضد ويعاقب كل منهما الاخر إذ عند كل واحد منهما حق ما عن مادة الاخر وبالعكس فالعدل في ذلك ان يوجد مادة هذا لذاك ومادة ذاك لهذا فهذا حال تشوق الهيولى بحسب ذاتها واعتبار خلوها في نفسها عن صوره ما واما من حيث تحصلها النوعي فتشوقها انما يكون إلى ما يكمل به الصورة الموجودة فيها الفاقده لكمالها الأتم وهكذا إلى غاية وكمال وصوره لا أتم منها.
ثم اعلم أن للأشواق الحاصلة في الممكنات القاصره الذوات الناقصة الوجودات عن الكمال التام والخير الأقصى سلسلتين (1) عرضيه وطوليه فما ذكرناه