ولا فعليه حتى فعليه القوة لشئ بخلاف الهيولى الأولى إذ لها من جمله الأشياء هذا النحو من التحصل والفعلية لا غير دون غيرها الا من جهتها فهي أخس الأشياء حقيقة وأضعفها وجودا لوقوعها على حاشية الوجود ونزولها في صف نعال محفل الإفاضة والجود.
فبعد تمهيد هذه المقدمة يتفطن اللبيب منها بان كل حقيقة تركيبية فإنها انما تكون تلك الحقيقة بحسب ما هو منها بمنزله الصورة لا ما (1) هو منها بمنزله المادة فان المادة من حيث إنها مادة مستهلكه في الصورة استهلاك الجنس في الفصل إذ نسبتها إليها نسبه النقص إلى التمام والضعف إلى القوة وتقوم الحقيقة ليس الا بالصورة وانما الحاجة إليها لأجل قبول آثارها ولوازمها وانفعالاتها الغير المنفكة عنها من الكم والكيف والأين وغيرها حتى لو أمكن وجود تلك الصورة مجرده عن المادة لكانت هي تلك الحقيقة بعينها لما علمت أن المادة لا حقيقة لها أصلا الا قوه حقيقة وقوه الحقيقة من حيث إنها قوه الحقيقة ليست حقيقة فالعالم عالم بالصورة العالمية لا بمادتها والسرير سرير بهيئته المخصوصة لا بخشبيته والانسان انسان بنفسه المدبرة لا ببدنه والموجود موجود بوجوده لا بماهيته فصوره العالم لو كانت مجرده لكانت عالما والهيئة السريرة لو تحققت بلا خشب لكانت سريرا وكذا نفس الانسان حين انقطاعها عن علاقة البدن انسان والوجود المجرد عن الماهية موجود كالواجب تعالى وأشير إلى ذلك بما قالوا الانسان إذا أحاط بكيفية وجود الأشياء على ما هي عليه يصير عالما معقولا مضاهيا للعالم الموجود وقيل في الاشعار الحكمية.