على موضوع واحد لا يتصور اجتماعهما فيه وبينهما غاية الخلاف وقد مرت الإشارة إلى أن الطبائع الجنسية لا يتقابل فالتضاد انما يعرض للأنواع الأخيرة كما يدل عليه الاستقراء وقد ظن بعضهم وقوع التضاد في الأجناس لزعمهم ان الخير والشر متضادان وكل واحد منهما جنس لأنواع كثيره وهذا الظن باطل من وجهين الأول ان التقابل بينهما ليس بالتضاد لكون أحدهما عدما للاخر إذ الخير وجود أو كمال وجود والشر عدم الوجود أو عدم كمال الوجود.
والثاني انهما ليسا بجنسين لان الخير والشر اما ان يراد بهما ما هو بحسب الواقع وقد علمت انهما يرجعان إلى الوجود والعدم واما ان يراد بهما ما بالقياس إلى طبيعة الانسان فكل ما يوافقه ويلائمه نسميه خيرا وكل ما يخالفه وينافره نسميه شرا والموافقة والمخالفة وسائر ما أشبههما نسب واعتبارات خارجه عن أحوال الماهيات فلا يكون شئ منها جنسا لما اعتبر وصفا لها واما إذا اعتبر نفس الملائمة والمنافرة مجردتين عن معروضيهما كانت كل واحده منهما ماهية نوعيه فالتضاد بينهما (1) ليس تضادا بين الجنسين ومن شرط التضاد ان يكون الأنواع الأخيرة التي توصف به داخله تحت جنس واحد قريب وكون الشجاعة تحت الفضيلة والتهور المضاد لها تحت الرذيلة لا يرد نقضا على هذه القاعدة لان كل