وان أردت زيادة شرح فنقول كل قوه تقتضى اثرا وفعلا فلا يخلو اما ان يكون تأثيرها مختصا بمحل معين حتى يكون (1) تأثيرها في غير ذلك المحل مترتبا على تأثيرها في ذلك المحل حتى يكون كلما هو أقرب اليه كان أولى بقبول ذلك الأثر واما ان لا يكون كذلك فلا يكون تأثيرها في محل مترتب على تأثيرها في محل آخر مثال الأول القوة النارية فان تأثيرها مختلف بحسب القرب والبعد لما اثرت فيه بالقياس إلى محلها فكلما كان أقرب اليه كان وصول السخونة اليه أشد واقدم فالقوة متى كانت كذلك نعلم أن لها تعلقا بذلك الجسم ما لاحتياجها في ذاتها إلى ذلك الجسم مثل القوة النارية واما لاحتياجها في فاعليتها اليه لا في ذاتها مثل النفوس فعند ذلك صح القول بأنها تفعل بمشاركه الوضع واما القوة التي لا يتوقف تأثيرها في فعلها الا على كون ذلك الفعل ممكن الحدوث في ذاته ويكون افاضته غير مختصه بشئ دون شئ من الأجسام وجب ان لا يكون لتلك القوة تعلق بشئ من المواد لا في فعلها ولا في ذاتها بل كانت غنيه عن الأجسام من كل الوجوه فيكون من المفارقات العقلية.
وعند هذا التحقيق (2) يظهر ان القوى الجسمانية يمتنع ان يكون لها تأثير في وجود المجردات ولا في صفاتها لان القرب والبعد ما لا حيز له ولا وضع ممتنع وإذا ثبت هذا ثبت ان القوة الجسمانية لا تأثير لها في وجود الهيولى والصورة المقومة