الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٧ - الصفحة ٣٩
ولنا في هذا المقام زيادة تحقيق وتوضيح للكلام فاستمع لما.
(1) يتلى عليك من الاسرار ملتزما (2) صونه عن الأغيار الأشرار وهو ان الحكماء قد اطبقوا على أن الجنس بالقياس إلى فصله عرض لازم كما أن الفصل بالقياس اليه خاصه ثم ذكروا ان الجنس في المركبات الخارجية متحد مع المادة والفصل مع الصورة فيلزم (3) من هذين الحكمين عدم كون فصول الجواهر جواهر

(١) وفيه سر عظيم أشير اليه من أنه إذا تحققت ان الجنس لازم خارج عن حقيقة الفصل والفصل الحقيقي حقيقة هو تمام الشئ والشئ انما صار شيئا به لا بغيره وغيره خارج عن حاق حقيقة الشئ حقيقة وقد قالوا إن الحد الأخير في الحد هو بعينه الحد الوسط في البرهان فالفصل الحقيقي هو حقيقة العلة والعلة الحقيقية فهو جل شانه تمام الأشياء بنحو أعلى فافهم ن ره.
(٢) إذ بعد ما ثبت ان الفصول من الفصل الأول في التركيب الأول إلى الفصل الأخير في اي تركيب كان والصور من الصورة الأولى إلى الصورة الأخيرة كلها وجود ولا ماهية لها جوهرية ولا عرضية ثبت ان العالم كله وجود وهذا مطلب شامخ كما يعلمه الحكيم الراسخ وإذ يترائى للاغيار مخالفه ما ذكره من أن الفصل هو الوجود للكثير من قواعدهم منها كونه جزء الماهية ومن علل القوام ومنها كونه أحد الكليات الخمس ومنها اكتناه الماهيات بأجناسها وفصولها ومنها كونه مقولا في جواب اي وغير ذلك ولا مخالفه بالحقيقة إذ كلامه مبنى على ارتضاء القول الرابع الذي سبق ذكره في كيفية التركيب من الاجزاء العقلية هذا إذا جعلنا الفصل نحوا من الوجود كما هو التحقيق عنده واما ان جعلناه ماهية بسيطة كما هو مذهب غيره فالوصية بصونه عن الاغيار لمخافة انه لعلهم لم يصلوا إلى أن الماهية الامكانية الفصلية كيف لا يكون جوهرا ولا عرضا مع أن الدليل ساق اليه فان فصول الجواهر وان كانت ماهيات خاصه لا يصدق الجوهر عليها صدق الجوهر الجنسي على نفسه وهو ظاهر ولا صدقه على نوعه والا لتركب الفصل وانما يصدق عليها صدقا عرضيا وكذا فصول الكيفيات لا يصدق الكيف المطلق عليها صدقا ذاتيا بل عرضيا وكذا في سائر المقولات وكون الماهية الامكانية اما جوهرا واما عرضا لا يقتضى الا حملها مطلقا لا الحمل بالذات فقط س ره.
(3) فيه ان اتحاد الجنس والفصل مع المادة والصورة الخارجتين في الجوهر مع حكم العقل بالعروض بين الجنس والفصل في ظرفه لا يستلزم سراية ما في ظرف العقل من الحكم إلى الخارج فان الاحكام تختلف بحسب الظروف كما اختلف الحكم بصحة الحمل وعدمها باختلاف الظرفين وكما صح استغناء الصورة الأخيرة عن المواد والصور السابقة واكتفاء النوع عن مادته إذا تجردت صورته مع استحاله ذلك بالنظر إلى الاجزاء العقلية لان حمل الجنس والفصل على الحد أولى إلى غير ذلك من الاحكام المختلفة فالحق ان الوجه غير تام وإن كان المطلوب صحيحا بوجه ط مد.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست