بل ذاته وشهود ذاته شئ واحد بعينه بلا اختلاف جهتين ولا تعدد حيثيتين وهما العلتان لوجود الخلق وشهودهم فكذا شهود ذوات الخلق لا يتصور الا بعين وجودها إذ العلتان واحده بلا مغايره فكذا المعلولان واحد بلا تعدد فكما ان وجود الأشياء على ما هي عليها من توابع وجود الحق سبحانه فكذا معقوليتها وشهودها على ما هي عليها من توابع معقولية الحق ومشهوديته فثبت وتحقق ان ذاته تعالى من حيث ذاته مرآه يدرك بها صور الأشياء الكلية والجزئية على ما هي عليه في نفس الامر بلا شوب غلط وكذب بخلاف مرائي الممكنات.
تفريع قد علم بما ذكر انه لا يمكن معرفه شئ من الأشياء الا بمعرفه مبدعة وخالقه كما مر ذكره سابقا إذ وجود كل شئ ليس الا نحوا واحدا لا يحصل الا من جهة واحده لما علمت من امتناع تكرر شئ واحد وانتفاء الاثنينية في تجلى الحق وانكشف صحه قول الحكماء ان العلم اليقيني بأشياء ذوات الأسباب لا يحصل الا من جهة العلم بأسبابها فحقق هذا المقام ان كنت من من ذوى الاقدام.
تعقيب قد وضح لديك مما ذكر كيفية ما قرع سمعك في الفلسفة العامة ان العلم بالعلة المعينة يوجب العلم بالمعلول المعين واما العلم بالمعلول المعين فلا يوجب الا العلم بالعلة المطلقة لا بخصوصيتها والسر في ذلك ليس ما هو مذكور في الكتب المشهورة من أن العلة بخصوصها تقتضى المعلول بخصوصه واما المعلول بخصوصه فلا يستدعى الا عله مطلقه لأنه مجرد دعوى بلا بينه وبرهان بل السر فيه ان المعلول كما حققناه ليس الا نحوا خاصا من تعينات العلة ومرتبه معينه من تجلياتها فمن عرف حقيقة العلة عرف شؤونها وأطوارها بخلاف من عرف المعلول فإنه ما عرف علته الا بهذا النحو الخاص كمن يرى وجه الانسان في واحده من المرائي المختلفة صغرا وكبرا تحديبا وتقعيرا واستقامه واعوجاجا وقد حقق الشيخ الجليل محيي الدين الاعرابى هذا المطلب تحقيقا بالغا حيث ذكر