واما ان يكون فيها ما يعاوق الأثر لكنه يزول عند حدوث ذلك الأثر كالشعر إذا شاب عن سواد واما ان لا يكون فيها معاوق ولا معاون كالتفه في قبول الطعوم ففي هذه الاقسام يجوز ان يشبه المنفعل بالفاعل تشبها تاما مثل النار يحيل الماء نارا والملح يحيل العسل ملحا فان الصور الجوهرية التي لهذه الأمور لا تكون متفاوتة بالشدة والضعف كما هو المشهور والمادة قابله لاثار تلك الصور لكونها مماثله لمادة الفاعل ولا معاوق ولا منازع فيجب حصول تلك الآثار بتمامها واما إذا كان في المادة ما يعاوق الأثر وهو الاستعداد الناقص كالماء في قبوله للتسخن من النار لان طبيعته مانعه عن قبول هذا الأثر فهاهنا المنفعل أضعف من الفاعل على كل حال لان مادة المنفعل معاوق عن ذلك الأثر وليس في مادة الفاعل معاوق والشئ مع العائق لا يكون كالشئ لا معه ولهذا فغير النار إذا تسخن عن النار لا يكون سخونته كسخونتها.
واما الايراد بحال الفلزات المذابة بالنار والمسبوكات يكون سخونتها أقوى من سخونة النار حيث يحترق اليد بها بمجرد الملاقاة دون النار.
فالجواب بوجوه مذكورة في الشفاء من كونها غليظه لزجه بطيئه ملاقاة اليد إياها عسره الزوال هي عن اليد وكون النار غير صرفه بل ممازجه لغيرها ذات سطوح كثيره غير متصله بل مختلطة باجرام هوائية وأرضية كاسره إياها من حاق حرها فالسخونة المحسوسة من الجواهر الذائبة أقوى من ما يحسن من النار وهذا كله إذا كان النظر إلى حقيقتي العلة والمعلول المشتركتين في الماهية واما إذا كان النظر إلى وجوديهما فيستحيل تساويهما من جهة التقدم والتأخر لان العلة مفيدة والمعلول مستفيد الوجود فالنار الحاصلة من نار أخرى وان تساويا في النارية لكن المفيدة اقدم من المستفيدة لا في كونها نارا بل في أنها موجوده وكذا الأب يتقدم على الابن لا في كونه انسانا بل في كونه موجودا واما إذا كان المعلول لا يشارك العلة في الماهية ولا في المادة بل في الوجود فالحق ان الوجود في العلة أقوى واقدم واغنى وأوجب لكن الشيخ ذكر ان التفاوت بين الوجودين لا يكون بالأشد والأضعف والأقوى والأنقص لان الوجود