مفارق ابدى لا يتغير وجعلوا لكل واحد منهما وجودا فسموا (1) الوجود المفارق وجودا مثاليا وجعلوا لكل واحد من الأمور الطبيعية صوره مفارقه وإياها (2) يتلقى العقل إذ كان المعقول شيئا لا يفسد وكل محسوس من هذه فهو فاسد وجعلها (3) العلوم والبراهين تنحو نحو هذه وإياها تتناول وكان المعروف بإفلاطون ومعلمه سقراط يفرطان في هذا الرأي ويقولان ان للانسانية معنى واحدا موجودا يشترك فيها الاشخاص ويبقى مع بطلانها وليس هو المعنى المحسوس المتكثر الفاسد فهو اذن المعنى المعقول المفارق انتهى ونحن بعون الله وتوفيقه نذكر أولا وجوه ما قيل في تأويل كلامه وما يقدح به في كل من وجوه التأويل ثم ما هو الحق عندي في تحقيق الصور المفارقة والمثل.
فنقول قد أول الشيخ الرئيس كلامه بوجود الماهية (4) المجردة عن اللواحق لكل شئ القابلة للمتقابلات ولا شك ان أفلاطون الذي أحد تلاميذه المعلم الأول مع جلاله شانه اجل من أن ينسب اليه عدم التفرقة بين التجريد بحسب اعتبار العقل وبين التجريد بحسب الوجود أو بين اعتبار الماهية لا بشرط