لايجاب السبب وجوده فكذلك هاهنا ليس ان الحيوان بحيوانيته اقتضى ان يكون له فصل وانما من قبله الحاجة المحضة من دون اقتضاء امر معين لكن الناطقية اقتضى بحسب ذاتها ان يلزمها الحيوانية المعينة (1) المطلقة فالحاجة المطلقة انما جاءت من قبل الحيوان وتعين (2) المحتاج اليه انما جاء من قبل الفصل وتعدد العلل لمعلول واحد جنسي غير مستنكر لضعف الوحدة في الطبيعة الجنسية.
والعجب من صاحب المباحث المشرقية مع تفطنه بهذا الأصل حيث ذهل عنه (3) حين أقام حجه على اثبات الهيولى وقد أهمل في اعماله واعجب من ذلك أنه قال بعد ذكر تلك الحجة وقد أوردتها على كثير من الأذكياء فما قدحوا في شئ من مقدماته وخلاصه حجته المذكورة في اثبات الهيولى لجسمية الفلك ان جسمية الفلك يلزمها مقدار معين وشكل معين لعدم قبولها الكون والفساد وسبب اللزوم اما نفس الجسمية أو امر حال فيها أو مبائن لها لكن الأول باطل والا لزم اشتراك الأجسام معها في المقدار والشكل المعين وكذا الثاني لان الكلام في لزومه آت بعينه والثالث أيضا لتساوى نسبه المباين إلى جميع الأجسام فبقي ان يكون لزوم التشكل والتقدر لجسمية الفلك بواسطة محل تلك الجسمية وهو المطلوب انتهى.
ولا يخفى ان الصورة المنوعة للفلك التي هي مبدء فصله المقوم لجنسه الذي هو الجسم المطلق متقدم في مرتبه الوجود على الجسمية فيكون عله للزوم المقدار والشكل المختصين بالفلك ولا يلزم شئ من المفاسد التي ذكرها هناك فتفطن