واما الجواب التفصيلي عن الشبه المذكورة ففي الأول انه ليس إذا عدمت الطبيعة الرويه وجب ان يحكم بان الفعل الصادر عنها غير متوجه إلى غاية فان الرويه لا تجعل الفعل ذا غاية بل انما تميز الفعل الذي يختار ويعينه من بين افعال يجوز اختيارها ثم يكون لكل فعل من تلك الأفعال غاية مخصوصة يلزم تادى ذلك الفعل إليها لذاته لا بجعل جاعل حتى لو قدر (1) كون النفس مسلمه عن اختلاف الدواعي والصوارف لكان يصدر عن الناس فعل متشابه على نهج واحد من غير رويه كما في الفلك فان الأفلاك سليمه عن البواعث والعوارض المختلفة فلا جرم أفاعيلها على نهج واحد من غير رويه.
ومما يؤيد ذلك ان نفس الرويه فعل ذو غاية وهي لا يحتاج إلى رويه أخرى.
وأيضا ان الصناعات لا شبهه في تحقق غايات لها ثم إذا صارت ملكه لم يحتج في استعمالها إلى الرواية بل ربما تكون مانعه كالكاتب الماهر لا يروى في كل حرف وكذا العواد الماهر لا يتفكر في كل نقره وإذا روى الكاتب في كتبه حرفا أو العواد في نقره يتبلد في صناعته فللطبيعه غايات بلا قصد ورويه وقريب من هذا اعتصام الزالق بما يعتصمه ومبادره اليد في حك العضو من غير فكر ولا رويه وأوضح منه ان القوة النفسانية إذا حركت عضوا ظاهرا فإنما تحركه بواسطة الوتر والنفس لا شعور لها بذلك وفي الشبهة الثانية ان الفساد في هذه الكائنات تارة لعدم كمالاتها وتارة لحصول موانع وارادات خارجه عن مجرى الطبيعة اما الاعدام (2) فليس من شرط كون الطبيعة متوجهه إلى غاية ان تبلغ إليها فالموت والفساد والذبول كل