الوجود لا الماهيات فالماهيات على صرافه امكانها الذاتي وسذاجه قوتها الفطرية وبطونها الجبلي من دون ان يخرج إلى فضاء الفعلية والوجود والظهور والقائلون بثبوت المعدومات الممكنة انما غلطهم لأجل انهم ذهبوا إلى انفكاك الثبوت من الوجود في تلك الماهيات وقد علمت أن هذا من فاسد القول إذ الماهيات قبل الوجود لا يمكن الحكم عليها بشئ من الأشياء حتى الحكم عليها بثبوت نفسها لها إذ لا ظهور لها ولا امتياز بينها قبل الوجود إذ الوجود نور يظهر به الماهيات المظلمة الذوات على البصائر والعقول كما يظهر بالنور المحسوس الأشجار والأحجار وسائر الاشخاص الكثيفه المظلمة الذوات المحجوبه لذواتها عن شهود الابصار والعيون فكل مرتبه من الوجود يظهر بها ماهية من الماهيات لاتصافه بها واتحاده معها فما لم يتحقق هذا النحو من الوجود لا يمكن الحكم على تلك الماهية المنسوبة اليه المتحدة به نحوا من الاتحاد بشئ من الأشياء لكن بسبب ذلك الوجود المعقول أو المحسوس يمكن الحكم عليها انها هي هي أو ليست الا هي فليست هي لذاتها موجوده ولا معدومه ولا ظاهره ولا باطنه ولا قديمه ولا حادثه بمعنى ثبوت شئ من هذه الأشياء لها واما إذا أريد ببعض هذه الأشياء سلب بعض آخر فذلك السلب صادق في حقها أزلا وابدا بان أريد من العدم سلب الوجود لا ثبوت السلب ومن البطون سلب الظهور لا عدم ملكه الظهور بل جميع السلوب صادقه في حقها أزلا وابدا إذ لا ذات لها حتى يثبت لها شئ من الأشياء وارتفاع النقيضين انما يستحيل عن الشئ الموجود من حيث كونه موجودا لا من حيث كونه غير موجود فما لم يعتبر للشئ وجود وإن كان على نحو الانصباغ به لا يكونه موجودا لذاته لا يمكن ثبوت شئ له والحكم به عليه فالحكم على الماهيات ولو كان باحكامها الذاتية وأوصافها الاعتبارية السابقة الأزلية من الامكان والبطون والظلمة والخفاء والكمون وأشباهها انما يتوقف على انصباغها بصفه الوجود واستنارتها به فقول بعض
(٢٨٨)