المحققين من أهل الكشف واليقين ان الماهيات المعبر عندهم بالأعيان الثابتة لم يظهر ذواتها ولا يظهر ابدا وانما يظهر احكامها وأوصافها وما شمت ولا تشم رائحة الوجود أصلا معناه ما قررناه فالحكم على الماهية بالوجود ولو في وقت من الأوقات انما نشا من غشاوه على البصر وغلط في الحكم من عدم الفرق بين الشئ وما يصحبه ويلزمه فكما ان لوازم الماهيات التي هي أمور اعتبارية لا يحتاج ثبوتها والحكم بها على الماهية إلى جعل جاعل وتأثير عله لا عله الماهية ولا عله غيرها كما ذهبت اليه كافه الحكماء والمحققون ودلت عليه صريح عباراتهم ومسطوراتهم ومن هذا القبيل تحقق مبادى الشرور والاعدام عند الفلاسفة حيث لا يكون تحقق مبادى الشرور الذاتية عندهم بجعل وافاضه من المبدء الاعلى الخالي عن القصور المقدس عن النقض في الافعال تعالى عن ذلك علوا كبيرا فكذلك نقول لما حققنا وبينا ان اثر الجاعل وما يترتب عليه ليس الا نحوا من انحاء الوجود ومرتبه من مراتب الظهور ولا ماهية من الماهيات بل الماهية يظهر بنور الوجود من دون تعلق جعل وافاضه بها فالمتحقق والصادر من المبدع الحق والصانع المطلق انما هو بالحقيقة الوجود دون الماهية فنسبه المعلولية إلى الماهية بالمجاز الصرف كنسبه الموجودية إليها.
ولا يتوهمن أحد ان نسبه الموجودية إلى الماهيات كنسبه الابيضيه إلى الجسم حيث نحكم حكما صادقا على الجسم بأنه ابيض لان مناط الحكم بالابيضيه على الجسم قيام وجود البياض بوجود الجسم قياما حقيقيا فالجسم في مرتبه وجوده وان لم يتصف بوجود البياض لكن يتصف به في مرتبه وجود البياض لان وجود شئ لشئ متأخر من وجود الموصوف ومتوقف عليه بخلاف الحكم على الماهية بالموجوديه إذ لا قيام للوجود بالماهية ولا وجود أيضا للماهية قبل الوجود ولا أيضا منتزع الوجود في نفس الماهية