الاله ان هؤلاء العظماء من الفلاسفة يرون ان أصحاب الأنواع انما وجدت من المبدع الحق لتكون مثلا وقوالب لما تحتها لان ما يتخذ له المثال والقالب يجب ان يكون اشرف وأعلى لأنه الغاية ولا يصح في العقول هذا فإنهم أشد مبالغه من المشائين في أن العالي لا يكون لأجل السافل بل عندهم ان صور الأنواع الجسمانية أصنام وأظلال لتلك الأرباب النورية العقلية ولا نسبه بينها في الشرف والكمال ثم كيف يحتاج الواجب تعالى في ايجاد الأشياء إلى مثل ليكون دستورات لصنعه وبرنامجات لخلقه ولو احتاج لاحتاج في ايجاد المثل إلى مثل أخرى إلى غير النهاية.
فان قلت قد خالفت المعلم الأول حيث يرد على هذا المذهب.
قلت الحق أحق بالاتباع مع أن رده اما على ما يفهمه الجمهور من ظاهر كلام أفلاطون والأقدمين فان من عادتهم بناء الكلام على الرموز والتجوزات خصوصا في هذا المبحث الذي يخرس فيه الفصحاء وتكل منه الافهام فضلا وشرفا واما لشوب (1) حبه للرياسة اللازم عن معاشرة الخلق وخلطه الملوك والسلاطين والا فكتابه المعروف باثولوجيا يشهد بان مذهبه وافق مذهب أستاذه في باب وجود المثل العقلية للأنواع والصور المجردة النورية القائمة بذواتها في عالم الابداع حيث قال في الميمر الرابع منه ان من وراء هذا العالم سماء وأرضا وبحرا وحيوانا ونباتا وناسا سماويين وكل من في هذا العالم سماوي وليس هناك شئ ارضى البتة وقال فيه أيضا ان الانسان الحسى انما هو صنم للانسان العقلي والانسان العقلي روحاني وجميع أعضائه روحانية ليس موضع العين غير موضع اليد ولا مواضع الأعضاء كلها