من أن يخاطب فيترك وجهله وقال عين القضاة الهمداني في الزبده اعلم أن العقل ميزان صحيح واحكامه صادقه يقينيه لا كذب فيها وهو عادل لا يتصور منه جور فقد ظهر من كلام هذين الشيخين انه لا يجوز العدول عما حكم به العقل الصحيح فكيف حكم أمثال هؤلاء الأكابر المجردين عن جلباب البشرية بعد رياضاتهم ومجاهداتهم بما يقضى الحاكم العادل اي العقل الصحيح باستحالته فالحق ان من له قدم راسخ في التصوف والعرفان لا ينفى وجود الممكنات (1) رأسا.
ومن النصوص على اتصاف الموجودات بالكثرة الحقيقية الغير المنافية للوحدة الحقيقية كلام صاحب الاحياء بعد ذكر المراتب الثلاثة في التوحيد حيث قال والمرتبه الرابعة في التوحيد ان لا يرى في الوجود الا واحدا وهو مشاهده الصديقين ويسقيه الصوفية الفناء في التوحيد لأنه من حيث لا يرى الا واحدا لا يرى نفسه أيضا بمعنى انه فنى عن رؤية نفسه.
فان قلت كيف يتصور ان لا يشاهد الا واحدا وهو يشاهد السماء والأرض وسائر الأجسام المحسوسة وهي كثيره.
فاعلم أن هذا غاية علوم المكاشفات وان الموجود الحقيقي واحد وان الكثرة فيه في حق (2) من يفرق نظره والموحد لا يفرق نظره رؤية السماء والأرض