الماء شرط للبرودة ووجود البرودة مساو لوجود السخونة فليكن ملاقاته شرطا لوجود السخونة أيضا لان ما كان شرطا لشئ كان شرطا لأمثاله ولو كان كذلك لوجب حصول السخونة عند ملاقاه الماء لان الماهية قابله والفاعل فياض والشرط حاصل فيجب حصول المعلول ويلزم من ذلك حصول كل شئ عند حصول كل شئ فلا اختصاص لشئ من الحوادث بشرط وعلة وكل ذلك باطل يدفعه الحس.
واما الثاني وهو أن تكون الماهية هي المتوقفه على الشرط فهو يستلزم المطلوب فان الماهية إذا توقفت بنفسها على شرط كانت متوقفه على الغير وكل ما يتوقف على غيره يستدعى سببا وعلة ولا محاله ينتهى إلى واجب الوجود فظهر ان الماهيات مجعوله بأنفسها لا بوجودها فقط انتهى كلامه.
أقول قد علمت فساده لان مبناه على أن الوجود ماهية واحده مقولة على افرادها بالتواطؤ لا بالتشكيك ومع (1) ذلك يلزم عليه ان لا تأثير لوجوده تعالى في شئ من الأشياء لان وجوده يساوى لوجود الممكنات عنده كما صرح به مرارا فكل ما يصدر عن وجوده يجوز ان يصدر عن وجود غيره فلا اختصاص له في تأثير شئ والمؤثر في شئ لا بد وأن يكون له اختصاص بالتأثير والا لكان وجوده كعدمه وما كان وجوده كعدمه في حصول شئ لم يكن عله له فلم يكن وجود الباري سببا لشئ تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ثم ذكر انا بينا فيما مضى انه فرق بين اعتبار وجود السواد مثلا من حيث هو ذلك الوجود وبين اعتبار موصوفيه ماهية السواد بالوجود وبينا ان الوجود يمتنع ان يعرض الحاجة من تلك الجهة بل إذا نسبنا ماهية الشئ إلى وجوده فحينئذ يعرض له الامكان وبسببه يعرض له الحاجة فلا جرم المحتاج هو الماهية في وجودها لا ان المحتاج