تلويح استناري لعلك ان كنت اهلا لتلقى الاسرار الإلهية والمعارف الحقه لتيقنت وتحققت ان كل قوه وكمال وهياه وجمال توجد في هذا العالم الأدنى فإنها بالحقيقة ظلال وتمثالات لما في العالم الاعلى انما تنزلت وتكدرت وتجرمت بعد ما كانت نقيه صافيه مقدسة عن النقص والشين مجرده عن الكدورة والرين متعالية عن الآفة والقصور والخلل والفتور والهلاك والدثور بل جميع صور الكائنات وذوات المبدعات آثار وأنوار للوجود الحقيقي والنور القيومي وهو منبع الجمال المطلق والجلال الأتم الأليق الذي صور المعاشيق وحسن الموجودات الروحانية والجسمانية قطره بالنسبة إلى بحر ذلك الجمال وذره بالقياس إلى شمس تلك العظمة والجلال ولولا أنواره وأضواؤه في صور الموجودات الظاهرية لم يكن الوصول إلى نور الأنوار الذي هو الوجود المطلق الإلهي فان النفس عند افتنانها بالمحبوب المجازي الذي هو من وجه (1) حقيقي تتوجه إلى المحبوب الحقيقي المطلق الذي هو الصمد لكل شئ والملجأ لكل حي وتتولى جنابه الكريم منبع الأنوار ومعدن الآثار فيحصل لها الوصول إلى الحضرة الإلهية ويتنور باطنها بنوره فتدرك الأمور الكلية والصور المفارقة العقلية لصيرورتها حينئذ عقلا مدركا للكليات ا لا ترى ان آثار أنواره التي ظهرت في عالم الملك وتنزلت عن مراتبها الروحانية العقلية ولاحت في صور الجزئيات واتسمت بالحسن واللطافة والغنج والدلال مع أنها ضعفت بصحبة الظلمة الجسمية وتكثفت بالكثافة المادية بعد نقائها وصفائها وتجردها كيف تدهش العقول وتحير الألباب وأصحابها وتوقع في الفتن والمحن
(٧٧)