شئ من مقدمها وتاليها بل وجوبه أو كذبه بل امتناعه الا ان الحق هو الأول منهما فان فاعل الكل كما سيجئ يعلم الكل قبل وجودها بعلم هو عين ذاته فيكون علمه بالأشياء الذي هو عين ذاته منشا لوجودها فيكون فاعلا بالعناية.
تمثيل:
أصناف الفاعلية المذكورة وانحائها الستة المسفورة متحققة في النفس الآدمية بالقياس إلى أفاعيلها المختلفة فان فاعليتها بالقياس إلى تصوراتها وتوهماتها بالرضا وكذا بالقياس إلى قواها الجزئية المنبعثة عن ذاتها المستعملة إياها المستخدمة لها كوهمها وخيالها فان النفس تستخدم المتفكرة في تفصيل الصور الجزئية وتركيبها حتى ينتزع الطبائع من الشخصيات ويستنبط النتائج من المقدمات وليس لتلك القوى ادراك (1) ذواتها لكونها جسمية والتجسم من موانع الادراك كما سيأتي على أن الوهم الذي هو رئيس سائر القوى ينكر نفسها فكيف حال سائر المدارك الجزئية والاستخدام لا يتم الا بادراك جزئي لما يستخدم وما يستخدم فيه فالنفس تدرك تلك الآلات المنبعثة عنها بنفس ذاتها المدركة وذواتها المدركة لا بادراك تلك القوى لذواتها كما علمت ولا بادراك آله أخرى إذ لا آله للالة وفاعليتها بالقياس إلى ما يحصل منها بمجرد التصور والتوهم بالعناية كالسقوط من الجدار المرتفع الحاصل منها من تخيل السقوط والقبض (2) الحاصل من جرم اللسان المعصر للرطوبة من تصورها للشئ الحامض وفاعليتها بالقياس إلى ما يحصل منها بسبب البواعث الخارجة عنها الداعية لها إلى تحصيل اغراضها واستكمالها لها بها بالقصد كالكتابة والمشي وغيرهما وفاعلية النفس الصالحة الخيرة