له في كل أوقاته سائلا إياه حوائجه مفوضا اليه سائر أموره فيكون له قربه إلى ربه وحياه لنفسه وهدوه لقلبه ونجاه من المهالك.
تمثيل تنبيهي فاذن ما أسهل لك ان تتيقن ان وجود العالم عن الباري جل ثناؤه وعظم كبرياؤه ليس كوجود الدار عن البناء وكوجود الكتابة عن الكاتب الثابت العين المستقل بذاته المستغنى عن الكاتب بعد فراغه لكن كوجود الكلام عن المتكلم ان سكت بطل وجود الكلام بل كوجود ضوء الشمس في الجو المظلم الذات ما دامت الشمس طالعه فان غابت الشمس بطل وجدان الضوء من الجو لكن شمس الوجود يمتنع عليه العدم لذاته وكما أن الكلام ليس جزء المتكلم بل فعله وعمله اظهر بعد ما لم يكن فعل وكذا النور الذي يرى في الجو ليس هو بجزء للشمس بل هو انبجاس وفيض منها فهكذا المثال والحكم في وجود العالم عن الباري جل ثناؤه ليس بجزء من ذاته بل فضل وفيض يفضل به ويفيض ولا ينبغي ان يتوهم متوهم ان وجود العالم عن الباري تعالى يكون طبعا بلا اختيار منه كوجود الضوء من الشمس في الجو طبعا بلا اختيار منها ولم يقدر ان يمنع نورها وفيضها لأنها مطبوعة على ذلك لان الباري تعالى كما يستوضح في مقامه مختار في فعاله بنحو من الاختيار اجل وارفع مما يتصوره العوام مثل المتكلم القادر على الكلام ان شاء تكلم وان شاء سكت فهذا حكم ايجاد العالم واختراعه من الباري ان شاء أفاض جوده وفضله واظهار حكمته وان شاء امسك عن الفضل والجود كما ذكر في آية امساك السماوات والأرض ذكر وتلويح قد اشتهر من الفلاسفة الأقدمين ان المؤثر في الوجود مطلقا هو الواجب تعالى والفيض كله من عنده وهذه الوسائط كالاعتبارات والشروط التي لا بد منها في أن يصدر الكثرة عنه تعالى فلا دخل لها في الايجاد بل في الاعداد.