من أبوابها ومزجها بفنون من الخطابه والوعظ وشوقها باغراض النفس ومحبته الرياسه وطلب الدنيا إلى يومنا هذا قدحوا في ذلك ونسبوه إلى مجرد التجوز والتشبيه من غير تاصيل وتحقيق وذلك لاحد أمرين اما لعدم وثوق هؤلاء القادحين بنقل هذا المطلب عن أولئك العظماء واما للجهل بكمال مرتبتهم حيث لم يبلغ أفهامهم وعقولهم مع صفائها وتجردها عن شوائب الدنيا إلى ما بلغت به عقول أكثر المنهمكين في لذات هذا العالم والطالبين لشهواته واما الذي ذكروه في القدح فيه فهو ان هذا الشوق الذي اثبته القدماء في الهيولى اما ان يكون نفسانيا أو طبيعيا والأول ظاهر البطلان والثاني أيضا باطل لان الشوق لا يخلو اما ان يكون إلى صوره معينه أو إلى مطلق الصورة والأول باطل والا لكانت المادة متحركه بطبائعها إلى تلك الصورة فكان ما عداها حاصله بالقسر هذا خلف والثاني أيضا باطل لان المادة لا تخلو من صوره على ما سيأتي والشوق انما يكون إلى غير الحاصل قالوا فثبت ان هذا الكلام بعيد عن التحصيل.
تعقيب وتحصيل ان هذا القول مما أورده صاحب المباحث المشرقية اخذا عن كلام الشيخ الرئيس في طبيعيات كتاب الشفاء حيث قال وقد يذكر حال شوق الهيولى إلى الصورة وتشبيهها بالأنثى وتشبيه الصورة بالذكر وهذا شئ لست افهمه اما الشوق النفساني فلا يختلف في سلبه عن الهيولى واما الشوق التسخيرى الطبيعي الذي يكون انبعاثه على سبيل الانسباق كما للحجر إلى الأسفل ليستكمل بعد نقص له في اينه الطبيعي فهذا أيضا بعيد عنها ولقد كان يجوز ان يكون الهيولى مشتاقه إلى الصور لو كان هناك خلو عن الصور كلها أو ملال صوره قارنته أو فقدان القناعه بما يحصل له من الصور المكمله إياها نوعا وكان لها ان يتحرك بنفسها إلى اكتسابها الصورة كما للحجر في اكتساب الأين إن كان فيها قوه محركه (1) وليست خاليه عن الصور كلها ولا يليق بها الملال للصورة الحاصلة