يقبلها والشجرة ساجده راكعه لربها وهو لم يسجد والحيوان طائع للانسان وهو لم يطع لربه ولا عرفه ولا وحده نعوذ بالله من هذه الغفلة والنسيان فتشبهه بالمبدء بحسب القوة النظريه في ادراك المعقولات وبحسب القوة العملية في تصريفه البدن وقواه كتصريفه القوة الحسية لينتزع من الجزئيات أمورا كليه وباستعانته بالقوة المتخيله في تفكره حتى يتوصل بذلك إلى ادراك غرضه في الأمور العقلية وكتكليفه القوة الشهويه المباضعه من غير قصد بالذات إلى اللذة بل بالتشبه بالعلة الأولى في استبقاء الأنواع وخصوصا أفضلها أعني النوع الانساني وكتليفه القوة الغضبيه منازعه الابطال واعتناق القتال لأجل الذب عن مدينه فاضله وأمه صالحه ويظهر منه الأفاعيل من صميم قوته النطقيه مثل تصور المعقولات والنزوع إلى الممات وحب الآخرة وجوار الرحمن فافهم ما ذكرناه فهم حق يتلى لا فهم شعر يفترى فان بعضها وإن كان في صوره الاقناع والخطابه من البيان لكنها رموز إذا استقصيت قادت إلى البرهان وبالجملة المقصود ان الأشياء جميعا سواء ا كانت عقولا أو نفوسا أو اجراما فلكيه أو عنصريه لها تشبه بالمبدء الاعلى وعشق طبيعي وشوق غريزى إلى طاعه العلة الأولى ودين فطرى ومذهب جبلى في حركه نحوها والدوران عليها وقد صرح الشيخ في عده مواضع من التعليقات بان القوى الأرضية كالنفوس الفلكية في أن الغاية في أفاعيلها ما فوقها إذ الطبائع والنفوس الأرضية لا تحرك موادها لتحصيل ما تحتها من المزاج وغيره وان كانت هذه من التوابع اللازمة لها بل الغاية في تحريكها لموادها هي كونها على أفضل ما يمكن لها ليحصل لها التشبه بما فوقها كما في تحريكات نفوس الأفلاك اجرامها بلا تفاوت انتهى ومن هاهنا يتفطن العارف اللبيب بان غاية جميع المحركات من القوى العالية والسافله في تحريكاتها هو الفاعل الأول من جهة توجه الأشياء المحركة إليها لا إلى ما تحتها (1) فيكون
(٢٧٧)