بناء ا على تجردها في ذاتها عن المادة فيختلف هناك الاعتباران ويتغاير بحسبهما الوجودان ولهذا زوال الصورة الحالة عن المادة يوجب فسادها في نفسها بخلاف الصورة المجردة فان وجودها للمادة وان استلزم وجودها في نفسها لكن زوالها عن المادة لا يوجب فسادها في نفسها وذلك لتغاير الوجودين.
إذا تقرر هذا فنقول كون الشئ واقعا تحت مقولة بحسب اعتبار وجوده في نفسه لا يوجب كونه واقعا باعتبار آخر تحت تلك المقولة بل ولا تحت مقولة من المقولات فالنفس الانسانية وان كانت بحسب ذاتها جوهرا وبحسب نفسيتها مضافا لكن بحسب كونها جزء ا للجسم باعتبار وصوره مقومه لوجوده باعتبار آخر لا يجب ان يكون جوهرا كما في سائر صور المادية على ما علمت فكون النفس جوهرا مجردا وإن كان حقا لكن كونها مقومه لوجود الجسم صادقا عليها وعلى الجسم بالمعنى الذي هو باعتباره مادة الجسم بالمعنى الذي هو باعتباره جنس ليس باعتبار كونها ذاتا جوهرية منفردة فان كونها حقيقة أحدية شئ وكونها حالا من أحوال البدن شئ آخر نظير ذلك ما يقال في دفع ما يرد على قاعدة الحكماء ان كل حادث يسبقه استعداد مادة من الانتقاض (1) بالنفوس المجردة الحادثة كما هو رأى المعلم الأول وهو ان البدن الانساني لما استدعى باستعداده الخاص صوره مدبره له متصرفة فيه اي امرا موصوفا بهذه الصفة من حيث هو كذلك فوجب على مقتضى جود الواهب الفياض وجود شئ يكون مصدرا للتدابير الانسية والأفاعيل البشرية وهذا لا يمكن الا ان يكون ذاتا مجرده في ذاتها فلا محاله قد فاض عليه