أزلا وابدا وكفاك (1) في هذا الامر قوله تعالى كل شئ هالك الا وجهه قال الشيخ العالم محمد الغزالي مشيرا إلى تفسير هذه الآية عند كلامه في وصف العارفين بهذه العبارة فرأوا بالمشاهدة العيانيه ان لا موجود الا الله وان كل شئ هالك الا وجهه لا انه يصير هالكا في وقت من الأوقات بل هو هالك أزلا وابدا لا يتصور الا كذلك فان كل شئ إذا اعتبر ذاته من حيث هو فهو عدم محض وإذا اعتبر من الوجه الذي يسرى اليه الوجود من الأول الحق رأى موجودا لا في ذاته لكن من الوجه الذي يلي موجده فيكون الموجود وجه الله فقط فلكل شئ وجهان وجه إلى نفسه ووجه إلى ربه فهو باعتبار وجه نفسه عدم وباعتبار وجه ربه موجود فاذن لا موجود الا الله فاذن كل شئ هالك الا وجهه أزلا وابدا وكتب العرفاء كالشيخين العربي وتلميذه صدر الدين القونوى مشحونه بتحقيق عدميه الممكنات وبناء معتقداتهم ومذاهبهم على المشاهدة والعيان وقالوا نحن إذا قابلنا وطبقنا عقائدنا على ميزان القرآن والحديث وجدنا منطبقه على ظواهر مدلولاتهما من غير تأويل فعلمنا انها الحق بلا شبهه وريب ولما كانت تأويلات المتكلمين والظاهريين من العلماء في القرآن والحديث مخالفه لمكاشفاتنا المتكررة الحقه طرحناها وحملنا الآيات والأحاديث على مدلولاتها الظاهرة ومفهومها الأول كما هو المعتبر عند أئمة الحديث وعلماء الأصول والفقه لا على وجه (2) يستلزم التشبيه والتجسيم في حقه تعالى
(٣٤٢)