القادسه والنفوس العالية لست أجد رخصه من نفسي في كشف الحقيقة فيما اعترف مثل الشيخ الرئيس عظم الله قدره في النشاتين العقلية والمثاليه ورفع شانه في الدرجتين العلمية والعمليه بالعجز عن دركه والعسر في معرفته بل كنت رأيت السكوت عما سكت عنه أولى واحق والاعتراف بالعجز عما عجز فيه لصعوبته وتعسره احرى وأليق وإن كان ذلك الامر واضحا عندي منقحا لدى حتى اقترح على بعض اخوانى في الدين وأصحابي في ابتغاء اليقين ان أوضح بيان الشوق الذي اثبته افاخم القدماء من الحكماء وأكابر العرفاء من الأولياء في الجوهر الهيولاني واكشف قناع الاجماع عما أشاروا اليه واستخرج كنوز الرموز فيما ستروه وافصل ما اجملوه واظهر ما كتموه من التوقان الطبيعي في القوة المادية فالزمنى اسعافه لشده اقتراحه والجاني في انجاح طلبته لقوه ارتياحه.
فأقول ومن الله التأييد والتسديد انه قد مضت منافى الفصول المتقدمة أصول لا بد لتحقيق هذا المقام من تذكرها تمهيدا وتاصيلا.
فالأول منها ما بيناه من أن الوجود حقيقة واحده عينيه ليس مجرد مفهوم ذهني ومعقول ثانوي كما زعمه المتأخرون وان ليس الاختلاف بين افراده ومراتبه بتمام الذات والحقيقة أو بأمور فصليه أو عرضيه بل بتقدم وتأخر وكمال ونقص وشده وضعف وان صفاته الكمالية من العلم والقدرة والإرادة هي عين ذاته لان حقيقة الوجود وسنخه بنفس تجوهره مبدء لسائر الكمالات الوجودية فإذا قوى الوجود في شئ من الموجود قوى معه جميع صفاته الكمالية وإذا ضعف ضعفت.
والأصل الثاني ان حقيقة كل ماهية هي وجودها الخاص الذي يوجد به تلك الماهية على الاستتباع وان المتحقق في الخارج والفائض عن العلة لكل شئ هو نحو وجوده واما المسمى بالماهية فهي انما توجد في الواقع وتصدر عن العلة لا لذاتها بل لاتحادها مع ما هو الموجود والمفاض بالذات عن السبب والاتحاد بين الماهية والوجود