كما مر والأول مستلزم لان يكون ذلك الامكان جزء من هذا المؤثر وننقل الكلام اليه وهكذا إلى غير النهاية وهو محال بلا شبهه لأنه تسلسل في العلل المترتبة المجتمعة فان قلت فكيف ذهبت الحكماء إلى أن امكان العقل الأول مبدء صدور الفلك وامكانات العقول مبادى الأجسام الفلكية فانتهضت الفرصة لأعداء الحكماء من ذلك حتى قال بعضهم في مثل هذا المقام فظهر ان الذي يقال من أن امكان العقل الأول عله للفلك الأقصى ووجوبه للعقل الثاني هذيان لا يليق بالعوام فضلا عمن يدعى التحقيق.
أقول معنى تأثير الامكان في شئ يرجع إلى مثل قولهم عدم العلة عله لعدم المعلول وكما أن ذلك القول ليس معناه ان للعدم تأثيرا في الواقع بل إنه متى عدمت العلة لم يوجه المعلول فكذلك مرادهم من كون الامكان سببا للفلك ان العقل لكون وجوده موصوفا بنقص امكاني لا يصدر (1) عنه ما يصدر الا امرا ناقص الوجود كالجسم فبالحقيقة الوجود سبب الوجود والعدم سبب العدم بالمعنى الذي اومانا اليه فلم يلزم كون العدمي سببا للامر الوجودي بالذات بل على هذا الوجه اي بالعرض وكذا الكلام في امكان الماهية وفي الامكانات الاستعدادية فإنها ليست مؤثره في وجودات الأشياء مبدعة كانت أو كائنه اما كون الامكان غير