عجنت بشحم أيل أو مخه - وفى نسخة أخرى أو دماغه - ومسح بها الجسد، لم يقربه شئ من الهوام.
وقد يستعمل في أخلاط المعجونات.
وأما الدهن الذي يخرج من هذه الشجرة المعروف بالقطران، فقد يظن به أن إسخانه في الدرجة الرابعة لان إسخانه قوي جدا، إلا أن معه لطافة، ومن شأنه أن يعفن اللحم الرخو بسرعة من غير أن يضر بالأعضاء الأصلية الصلبة. وهذا الفعل موجود في سائر الأشياء التي حرارتها في الدرجة الرابعة إذا كان معها لطافة، وإن كان بعضها مخالفا لبعض في كثرة الفعل وقلته فقط على حسب مقدار كل واحد من اللطافة. والقطران أضعفهما فعلا لأنه ألطفها. ولذلك صارت كلها تفسد اللحم (١) الميتة، والقطران يجففها ويحفظها من العفونة بفعل لطافته وينقيها من الرطوبات الفضلية من غير أن ينكأ الأعضاء الأصلية ولا يؤثر فيها شيئا، ولا يفعل في اللحم الصلب أيضا ما يفعله في اللحوم المنتنة إلا بعد مدة طويلة.
وإذا كان القطران على ما وصفنا به، فليس بعجب أن يقتل الدود والصئبان وحب القرع والحيات المتولدة في البطن. ولذلك صار منقيا للقمل والصئبان، ونافعا من الحكة المتقادمة وللجرب المتعفن في الناس والدواب جميعا. وإذا قطر منه في الاذن بخل، قتل الدود التي فيها وسكن الطنين والدوي. وإذا خلط بماء طبيخ الزوفا، فعل مثل ذلك أيضا. وإذا احتملته المرأة من أسفل، قتل الأجنة الاحياء وأخرج المشيمة الميتة، كما من شأنه أن يفسد النطفة إذا مسح به الذكر في وقت الجماع. ولذلك صار من أبلغ الأدوية في منع الحبل حتى يصير من يستعمله على ما وصفنا عقيما.
وأما ديسقوريدوس فقال: إن في القطران قوة أكالة تقطع أبدان الاحياء وتحفظ أبدان الموتى.
ولذلك سماه قوم حياة الموتى. وقال قوم يدبغ أبدان الاحياء. ومن فعله أنه يقطع الثياب والجلود بإفراط تجفيفه وحره. وقد يصلح في إكحال العين لحدة البصر وجلاء البياض والآثار المتولدة عن اندمال قروح العين. وإذا قطر منه في الضرس المأكول، فعل من ذلك. وإذا لطخ على الحلق، منع من الخناق ووجع اللوزتين العارض من البلغم. وإذا تحسي مع البيض المشوي نيمبرشت، نفع من الخناق وبحة الصوت. وإذا استنشق في زمان الوباء، قطع تلك العفونات الوبئة ونقى الأبدان منها ونفع من الوباء.
وإذا عمل منه ضماد بملح، نفع من نهشة الحية المقرنة (٢). وإذا شرب بالطلاء، نفع من الأرنب البحري. وإذا ألعق منه أو لطخ على داء الفيل، نفع منه. وإذا تحسي منه مقدار أوقية ونصف، نقى قروح الرئة. وإذا احتقن به، قتل الدود الغليظ منه والدقيق وأحدر الجنين.
وأجود القطران ما كان ثخينا صافيا قويا كريه الرائحة. إذا قطر منه على شئ، ثبتت قطرته بحالها ولم تنتشر وتتبدد. وأدسم ما في القطران هو الحر الدهن الخالص الذي يجتمع في الصوف إذا علق به حين يطبخ. وما تبقى في الاناء فهو غليظ، وكدره بمنزلة <ثفل> الزيت عند الزيت. وهذا