أولا: إنه لا يفيد اليقين الذي يشترطه هذا البعض - حتى لو فرض أن سنده صحيح.
ثانيا: إنهن جئن ليساعدنها على النواح على أبيها كشخص، وأين بكاؤهن من بكائها هي الذي كان بكاء على الرسالة - وقد أشار علي (ع) إلى ان هدفهن كان البكاء على الشخص.
فقال: مروا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم، فإن فاطمة الخ..
ثالثا: إن هذا الذي يفعلنه في بكائهن هو أحد مفردات الوصية التي تحدثنا عنها آنفا فلا مجال لأن تسمح لهن بأكثر من ذلك..
16 - وقد ذكر البعض:
" أن إظهار مظلوميتها لا ينحصر بالبكاء، بل يتحقق في خطبتها في المسجد، وفي أحاديثها مع الناس. وفي حديثها مع الشيخين حين جاءا ليسترضياها ".
ونقول:
ألف: إن عدم انحصاره بالبكاء لا يعني أن لا تلجأ إلى البكاء، باعتباره الوسيلة الأشد تأثيرا..
ب: إن استعمالها للبكاء لا يعني إلغاء غيره من الوسائل، فهي تستعمل كل وسيلة ممكنة من أجل الدفاع عن الحق والدين..
ج - إن إتمام الحجة إذا تحقق، فان الكلام يكون قد استنفد أثره. أو كاد.. وإذا كان الجميع يعلم بما جرى، فان ادراك عمق الجرح وادراك استمرار حالة الألم والمرارة في نفس وقلب بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله، هو الذي يحرك معرفتهم بما جرى لتزحف نحو أحاسيسهم ومشاعرهم، وتثيرها. لتتجسد موقفا رساليا صلبا، في الموقع المناسب..
وهذا بالذات هو ما كانت السلطة تخشاه، وتحاذر منه، وتعمل على التخلص منه، فكان أن أخرجتها من بيتها، ومنعتها من البكاء.
17 - إن تكذيب هذا البعض حقيقة أن يكون حزنها على الرسالة، استنادا إلى أنها هي نفسها قد صرحت بان بكاءها كان لأجل الرسول، لا لأجل الرسالة..