(وبيان ذلك) أنه قد أثبتنا في قاعدة الضرر إن في العناوين الثانوية كالضرر والحرج ونحوهما إذا تعلق حكم بنفس هذا العنوان يكون العنوان هو الموضوع للحكم ويدور الحكم مداره وبهذا الوجه يكون حاكما على أدلة الأحكام ولا محالة يكون الضرر أو الحرج شخصيا وأما لو تعلق الحكم بعنوان آخر وعلل هذا العنوان بالضرر أو الحرج فلا محالة يكون الضرر أو الحرج علة للتشريع ولا يطرد ولا ينعكس فيكون نوعيا والحكم في مورد الحرج ورد على كلا النوعين ففي باب طهارة الحديد يكون الحرج حكمة لرفع النجاسة وفي مثل ما جعل عليكم في الدين حرج يكون حاكما على أدلة الأحكام وأما في باب الضرر فكونه حاكما على أدلة الأحكام لا اشكال فيه كما في قضية سمرة وأما كونه علة للتشريع فيتوقف على ورود هذا اللفظ منه صلى الله عليه وآله في ذيل حكم من أحكامه كما ورد في ذيل حكمه بالشفعة بين الشركاء في الأرضين والمساكن وفي ذيل حكمه بكراهة منع فضل الماء وأما في المقام فلم يرد عنه صلى الله عليه وآله إلا أنه نهى عن الغرر إما مطلقا أو في البيع فكون الحكم دائرا مدار الغرر الشخصي أو النوعي لا موضوع له لأن نفس عنوان الغرر إذا كان متعلقا للنهي فلا محالة يكون الحكم دائرا مدار هذا العنوان (نعم) لهذا البحث مجال إذا استفيد من أدلة اعتبار الكيل والوزن في المكيل والموزون كون عدمهما غرريا فحيث إن اعتبارهما فيهما واعتبار العدد في المعدود إنما هو لأن عدمها غرر فلا محالة يكون الحكم ثابتا ولو لم يكون غرريا وأما في الذرع فلم يدل دليل عليه إلا نفي الغرر ونهيه صلى الله عليه وآله عنه فلا بد من أن يقال إن المدار على تحقق عنوان الغرر.
(ولكنك خبير) بأن التفصيل في هذه الأبواب الأربعة لا يمكن الالتزام به للقطع باتحاد أحكامها فلا بد من أن يقال إن الجهل بالمقدار موجب لفساد المعاملة إذا كان مناط مالية المال هو تعين المقدار ولكنه بعد اعتبار قيدين آخرين.