ثم إن مقتضى الأخبار الواردة في المكيل والموزون والمعدود وجوب اعتبار الكيل والوزن والعد فيها سواء كان عدمها غرريا أو لا، فكون الغرر شخصيا أو نوعيا لا دخل له في هذه الأبواب وهذا لا ينافي صحة بعض ما يوزن بلا وزن كمقدار قليل من الدهن وثلاث حبات من الحنطة وزبرة من الحديد لخروج هذه الأشياء عن الأدلة الدالة على اعتبار الوزن (وتوضيح ذلك) أنه لا شبهة في أنه إذا كان دليل المخصص المنفصل مجملا مفهوما فيؤخذ في تخصيص العموم بالقدر المتيقن ويتمسك بالعموم في المشتبه ففي المقام مقتضى عمومات البيع عدم اعتبار الكيل والوزن والعد في المكيل والموزون والمعدود والمذروع ولكنه ثبت بالأدلة الخاصة في الثلاثة الأول اعتبار الوزن والكيل والعد ولكن في خصوص اعتبار العد في المعدود لم يقم دليل إلا رواية الجوز والمعلوم على الخبير أنها ناظرة إلى جهة أخرى ولا تدل على اعتبار العد إلا كونه مفروغا عنه السائل وأما خصوصيات اعتباره فالدليل مجمل بالنسبة إليها وأما أدلة اعتبار الكيل والوزن فأظهر دليل في هذا الباب هو ذيل صحيحة الحلبي وهو قوله عليه السلام وما كان من الطعام سميت فيه كيلا فإنه لا يصح مجازفة هذا مما يكره من بيع الطعام، وظهورها في اعتبار الكيل في المكيل لا شبهة فيه إلا أنها مختصة بما كان مناط ماليته الكيل أو الوزن مثلا وأما لو كان مناطها العد وإن كان الوزن فيه ملحوظا أيضا بحيث إنه لو نقص عن هذا الوزن كان معيبا فلا يضر عدم كيله أو وزنه وعلى هذا جرى بين الناس المعاملة بالدراهم والدنانير مع عدم العلم بأوزانها، وكذلك تختص أيضا بما إذا كان عدم كيله مستلزما للجزافية وبهذا المناط أيضا يحكم بصحة المعاملة مع الدراهم والدنانير وإن لم يعلم مقدارهما من حيث الوزن فإن السكة طريق إلى مقداره المقرر عند السلطان وبهذا الوجه فصل الصادق عليه السلام بين الدراهم الوضاحية وغيرها فإنها هي الدراهم الصحيحة التي لا تنقص عن
(٤٩٧)