إذا تبين ذلك فنقول حق الجناية يكون متعلقا بالعين لا في طول ملكية المالك فيكون مع العين أينما كانت، وحق الرهانة متعلق بالعين في طول ملك الراهن، ولذا لا يجمع مع انتقال العين عن ملك الراهن.
بل الأمر يدور بين سقوط حق المرتهن بمسقط من إجازة أو فك للرهن أو بأداء الدين وبين بطلان النقل، والنهي في قوله عليه السلام لا تبع ما ليس عندك في شئ من القسمين لا يقتضي الفساد، أما فيما كان مثل حق الجناية فواضح حيث إنه لا منافاة بين النقل وبين حق المحنى عليه فلا يكون تعلقه موجبا لقصر سلطنة المالك عن النقل وإن كان يمنع عن بيعه من جهة أخرى وهي التشكيك في ماليته لكونه في معرض التلف في الجناية العمدية، لكنه لا يرتبط بالنهي عن بيع ما ليس عندك كما لا يخفى، وأما ما كان مثل حق الرهانة فلأن النهي عن بيعه ليس كالنهي عن بيع العبد المسلم أو المصحف من الكافر، بل النهي عنه إنما هو من جهة حق المرتهن. وبعد اسقاطه أما بإجازته أو بأي مسقط من فك الرهن ونحوه يتم تأثير العقد فيؤثر أثره.
والحاصل أن المانع من نفوذ عقد الراهن كان تعلق حق المرتهن بالمبيع وبعد سقوطه يتم العقد فيؤثر أثره، فحال العقد الصادر عن الراهن بعينه كحال العقد الفضولي في النتيجة إلا أنهما يختلفان في المسلك، فكما أن عقد الفضولي من حيث إنه عقد للمالك بواسطة إجازته لا يكون موردا للنهي كذلك عقد الراهن بواسطة إجازة المرتهن لا يكون موردا للنهي، هذا إذا قلنا بصحة الفضولي على القاعدة، وكذا إذا قلنا بصحته على خلاف القاعدة لقيام الدليل عليها فإنه يمكن الاستدلال بصحة بيع الراهن بعد إجازة المرتهن بالتعليل الوارد في نكاح العبد بأنه ما عصى الله وإنما عصى