فإن قلت قد ثبت في موضعه أنه إذا صار عنوان داعيا لتعليق حكم على شئ يصير هذا الشئ محكوما عليه بذاك الحكم، ولو لم يكن مما ينطبق على العنوان وانكشف الخطأ في التطبيق كما إذا إذن المالك زيدا في دخول داره أو أكل طعامه بداعي أنه من أصدقائه. فإنه يجوز لزيد دخوله في داره أو أكله من طعامه بذاك الإذن ولو مع علمه بأنه من أعدائه: وما نحن فيه من هذا القبيل: فإن المخاطب للمشتري في قوله ملكتك الثمن هو الغاصب: وإنما ادعاء مالكيته داع للمشتري في تمليكه الثمن إياه فيكون بعينه كالإذن في دخول داره بداعي أنه صديقه فلتمليك صدر عن المشتري بالنسبة إلى الغاصب لا المالك قلت ليس المورد مقام الخطأ في التطبيق إذ لم ينكشف عدم مالكية الغاصب بل كان عدم مالكيته مكشوفا من الأول وإنما جعل مخاطبا بالبيع لمكان سرقة الإضافة المالكية فهنا أمران (أحدهما) مبادلة مال المالك بمال المشتري (وثانيهما) مخاطبة الغاصب في قول المشتري ملكت الثمن الظاهر في كون التمليك إلى الغاصب نفسه وهذان الأمران متنافيان، ضرورة أن مقتضى المبادلة هو تضمين المالك بالثمن بالضمان المعاوضي. ومقتضى المخاطبة مع الغاصب هو تملكيه الثمن مجانا: و المجمع بينهما غير معقول. فلا بد من رفع اليد إما من ظهور المخاطبة مع الغاصب في تمليك الثمن إياه مجانا وإما من ظهور الفعل في كونه مبادلة بين المالين. لكن رفع التنافي يحصل من استناد البيع إلى الغاصب لأجل سرقة الإضافة المالكية: ومع امكانه يحفظ معنى المبادلة مع المخاطبة فيصير فعل الصادر عن المشتري كالنص في البيع وكالظاهر في التمليك إلى الغاصب فيقدم ما هو كالنص على ما هو كالظاهر لا بمعنى أن فعله نص
(٢٣٤)