وبالجملة فالمتحصل من الدليل هو اعتبار الانشاء في الإجازة و عدم الاكتفاء بالرضا الباطني، وأما ما أفاده في وجه الاكتفاء بالرضا، فممنوع أما استظهاره من عبائر الأصحاب ففيه أنه لا دلالة في عبائرهم إلا على اعتبار الرضا، لكن الرضا يستعمل تارة بمعنى الاختيار فيتعدى (ح) بنفسه فيقال رضيه إذا اختاره، ومنه ما ورد من حلف المشتري لو تلف المبيع في الثلاثة بأنه رضيه أي اختاره، وأخرى بمعنى طيب النفس فيتعدى بالباء فيقال رضي به وليس المذكور في هذه العبائر إلا لفظ الرضا فلعل المراد به الاختيار فليست عبائرهم صريحة في كفاية الرضا بمعنى طيب النفس وأما التمسك بالعمومات ففيه ما لا يخفى، حيث إن المخاطب بهذه العمومات هو الذي يستند إليه العقود، والمفروض كون البحث فيما به يستند العقد إليه فكيف يمكن التمسك بما يعتبر في صحة التمسك به تحقق الاستناد لاثبات الاستناد (وبعبارة أوضح) مقتضى مقابلة الجمع بالجمع في قوله تعالى (أوفوا بالعقود) هو لزوم وفاء كل أحد بعقده الصادر منه لا أن كل أحد مكلف بالوفاء بكل عقد في الدنيا، ولو لم يكن مرتبطا به والكلام (ح) يقع فيما به يتحقق الاستناد حتى يصير العقد عقدا له فيدخل تحت عموم وجوب الوفاء.
وأما الروايات الخاصة التي استدل بها: ففيه أن شيئا منها لا يدل على كفاية الرضا، أما ما دل على أن سكوت المولى بعد علمه بتزويج عبده اقرار منه، فلأن لفظ الاقرار معناه اللغوي هو تثبيت الشئ وانفاذه فهذه يدل على كفاية الفعل أعني السكوت في الإجازة، وهو غير مرتبط بالقول بكفاية مطلق الرضا، والحاصل أن المدعي كفاية الرضا الباطني من دون انشاء قولي أو فعلي، والرواية تدل على كفاية الانشاء الفعلي فهي