«أن رجلا تصدق بدار له وهو ساكن فيها، فقال (عليه السلام): الحين اخرج منها» (١).
وفيهما مع عدم وفائهما بجميع صور المسألة أنه يمكن الخدشة في دلالتهما، أما الخبر فواضح، إذ ليس مقتضاه إلا وجوب الخروج عن الدار بعد أن وقفها على غيره، ولا دلالة فيه على عدم جواز الوقف على نفسه. وأما المكاتبة فالظاهر أنه أيضا كذلك، فالمراد أنه إذا وقف على الفقراء لا يجوز أن يأكل ما دام حياته، ولا دلالة فيها على عدم جواز أن يجعل شيئا من الوقف لنفسه مدة حياته، بل يمكن أن يقال: إن المراد من قوله (عليه السلام): «وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك» أنه إذا وقف وأراد أن يأكل منه مدة حياته فليجعل في ضمن إجراء الصيغة شيئا منه ليقوت به، وحينئذ فيدل على الجواز. وأما الاستدلال بالخبرين الآتيين في مسألة اشتراط العود إليه عند الحاجة، فلا وجه له أصلا، فالعمدة في دليل المنع هو الإجماع ولا بد من الاقتصار على القدر المتيقن منه، وإلا فمقتضى قوله (عليه السلام): «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» (٢) هو الجواز، مضافا إلى العمومات العامة، مثل ﴿أوفوا بالعقود﴾ (3) وغيره.
وحينئذ فنقول: لو وقف على نفسه بطل. ولو وقف على نفسه ثم على غيره بطل بالنسبة إلى نفسه وكان من الوقف المنقطع الأول، كما أنه لو وقف على غيره ثم على نفسه كان من الوقف المنقطع الآخر. ولو وقف على غيره ثم على نفسه ثم على غيره كان منقطع الوسط، وسيأتي حكم هذه الصور بالنسبة إلى غيره. ولو وقف على نفسه وغيره بطل بالنسبة إلى نفسه وصح بالنسبة إلى غيره في نصفه على الأقوى، وقد يقال ببطلانه