فريقين يأخذ من السلطان على القضاء الرزق؟ فقال: ذلك السحت» (1).
وفيه: أن ظاهره خلاف الإجماع، فإنه لا مانع من ارتزاقه من بيت المال.
ودعوى: أن الظاهر من قوله: «على القضاء» كونه عوضا عنه لا ارتزاقا، كما ترى، فهو إما محمول على الكراهة وإن كان بعيدا، أو على كونه من قضاة الجور وكون حرمة ارتزاقه من جهة عدم أهليته للقضاء.
وعليه يحمل أيضا الخبر المروي في الخصال: «السحت أنواع كثيرة، ومنها أجور القضاة» (2).
هذا مع أن عدم جواز الأخذ في صورة الضرورة والحاجة مستلزم للضرر من حيث تعطيله عن تحصيل معاشه مع فرض عدم الكفاية من بيت المال أيضا، فيحصل التعارض بين دليل الحرمة وقاعدة الضرر، وهي حاكمة على ذلك الدليل على فرض وجوده.
إلا أن يقال بسقوط وجوبه حينئذ لا جواز الأخذ فلا مانع من عموم عدم الجواز وإن كانت نتيجته سقوط الوجوب.
لكن فيه: أنه على هذا يلزم من حرمة الأخذ عدم حرمته، فإنه إذا خرج القضاء عن الوجوب لا مانع من أخذ الأجرة عليه بناءا على كون الحرمة من جهة حرمة أخذ الأجرة على الواجبات.
هذا، ومع ذلك كله فالأحوط عدم الأخذ مع وجود الكفاية ولو من بيت المال، لاحتمال استفادة المجانية من أدلة وجوب القضاء.
(مسألة 18): يجوز ارتزاق القاضي من بيت المال مع حاجته بالإجماع، لأنه معد لمصالح المسلمين، وهذا منها، لتوقف انتظام أمور المسلمين عليه.
بل الأقوى جوازه مع عدم حاجته أيضا، كما هو المسند إلى المشهور حيث