وفي الحقيقة هذا منه التزام بعدم شرائط القبول، مع أن الظاهر صحة البيع وإن لم يكن ملتفتا إلى النيابة، وليست الصحة مختصة بصورة الالتفات والقصد. وأيضا لو كانت من العقود لزم مقارنة القبول لإيجابها، مع أنه يجوز توكيل من ليس حاضرا ويبلغه الخبر بعد مدة. ودعوى: أنه ليس من باب الوكالة بل من باب الإذن في التصرف، كما ترى; هذا، والمراد من عدم كونها من العقود أنه لا يشترط في تحققها القبول وإلا فلو أوقعت بنحو الإيجاب والقبول تكون عقدا، ويتحصل أنها تتحقق بكل من الوجهين.
(مسألة 2): لا يكفي في تحقق الوكالة العلم بالرضا الباطني في التصرف وإن كان الرضا فعليا فضلا عما لو كان تقديريا، بل لا بد له من مظهر من قول أو فعل. نعم يكفي في جواز التصرف من حيث الحرمة التكليفية فيجوز أكل ماله مع العلم برضاه باطنا، لكن لو علم بأنه راض باطنا ببيع داره لا ينفذ بيعه بل يكون فضوليا.
(مسألة 3): لو وكله في بيع ماله، ونسي الوكيل وكالته وباعه بعنوان الفضولية صح ونفذ، وكذا لو نسي الموكل أنه جعله وكيلا فإنه يصح وينفذ وإن ذهل عن ذلك بالمرة، وكذا الحال في الإباحة فإنه لو لم يعلم المباح له أو نسي أو ذهل المبيح لا يكون محرما عليه لو تصرف. نعم مع جهل المباح له أو نسيانه يكون متجريا إذا كان ملتفتا.
(مسألة 4): لو وكل زيد عمرا في بيع مال بكر، فباع، فيجوز لبكر أن يجيز الوكالة وله أن يجيز البيع، والثمرة يظهر في الجعل إذا كانت الوكالة بجعل فيستحق عمرو على الأول ولا يستحقه على الثاني.
(مسألة 5): لو أذن له في التصرف في ماله صح وأفاد فائدة الوكالة ولا يحتاج إلى القبول عندهم أيضا، وكذا لو أمره بالتصرف أو التمس منه ذلك، بل يمكن أن يقال: إنها وكالة كما يظهر من بعضهم، وهو مؤيد أيضا لما ذكرنا من عدم كونها من العقود.