إنما يرد في هذه الثالثة بخلاف الأوليين، أما الأولى فواضح، وأما الثانية فلأن المنشأ الوقفية حين المجيء وقد حصلت حين الإنشاء.
الشرط الرابع: إخراج نفسه عن الوقف، وإلا فلم يصح، بلا خلاف كما عن جماعة، بل الإجماع كما عن السرائر (1) والتذكرة (2). وخلاف ابن الجنيد على فرض ظهور كلامه فيه شاذ. نعم الخلاف محكي عن بعض العامة (3) بل قد يقال بعدم معقولية الجواز، لأن الوقف تمليك للعين أو منفعتها، ولا يعقل تمليك نفسه ما كان له. ولكن فيه أولا: أن الوقف إيقاف لا تمليك. وثانيا: لا مانع من تبديل ملكية بملكية أخرى عليه بنحو آخر.
وربما يستدل عليه بمكاتبة علي بن سليمان إلى أبي الحسن (عليه السلام):
«جعلت فداك ليس لي ولد، ولي ضياع ورثتها عن أبي، وبعضها استفدتها، ولا آمن الحدثان، فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى؟ - جعلت فداك - لي أن أقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين، أو أبيعها وأتصدق بثمنها عليهم في حياتي؟ فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي، فإن وقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا؟
فكتب (عليه السلام): فهمت كتابك في أمر ضياعك فليس لك أن تأكل منها من الصدقة، فإن أنت أكلت منها لم تنفذ إن كان لك ورثة، فبع وتصدق ببعض ثمنها في حياتك، وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك، مثل ما صنع أمير المؤمنين (عليه السلام)» (4) وخبر طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه