بعد الحلف، وأما إذا كان بناء المدعي على رفع اليد عن حقه إذا حلف المنكر وأن لا يدعي عليه، وإن كان له ذلك شرعا فلا حاجة إلى الصلح ونحوه فيقول له: إن حلفت لا أطالبك بعده. فلا مانع منه إذا لم يقصد به الحلف القاطع للخصومة الذي هو وظيفة المجتهد.
(مسألة 10): ذكروا أنه لو تعدد الحاكم واختار كل من المتنازعين واحدا يقدم مختار المدعي; وفي المستند دعوى الإجماع عليه، واستدل عليه مضافا إليه بأنه المطالب بالحق ولا حق لغيره أولا، فمن طلب منه المدعي استنقاذ حقه يجب عليه الفحص، فيجب اتباعه، ولا وجوب لغيره (1) وفيه: أن كون الحق له غير معلوم; وإن أريد أن حق الدعوى له، حيث إن له أن يدعي وله أن يترك ففيه: أن مجرد هذا لا يوجب تقدم مختاره، إذ بعد الدعوى يكون للآخر أيضا حق الجواب، مع أنه يمكن أن يسبق المدعى عليه بعد الدعوى إلى حاكم ويطلب منه تخليصه من دعوى المدعي، فمقتضى القاعدة مع عدم أعلمية أحد الحاكمين هو القرعة إلا إذا ثبت الإجماع على تقديم مختار المدعي.
هذا إذا كان أحدهما مدعيا والآخر منكرا، وأما مع تداعيهما بأن يكون كل منهما مدعيا من وجه، واختار كل منهما غير ما اختاره الآخر مع فرض تساويهما، فلا ينبغي الإشكال في القرعة، كما إذا زوجت الباكرة الرشيدة نفسها من رجل وزوجها أبوها من آخر فتنازع الرجلان في زوجيتها، أو تنازع الولد الأكبر مع سائر الورثة في كون الحبوة مجانية أو بعوض الإرث، أو تنازعا اثنان فيما في يد ثالث أو فيما لا يد لأحد عليه فمع اختيار كل من المتنازعين حاكما للترافع إليه وإصرارهما على ذلك يكون المرجع هو القرعة.