القيام بشرائطه لعظم ما يترتب عليه من الفوائد المعلوم رجحانها عقلا ونقلا، كما أن الأولى تركه ممن لا يثق من نفسه مع وجود من به الكفاية لما فيه من الخطر العظيم.
واستشكل فيه بعدم جواز اجتماع الاستحباب والوجوب وإن كان كفائيا فما دام واجبا لا يتصور كونه مستحبا عينا. ودعوى: إمكانه فيما إذا تلبس به بعض من يقوم به الكفاية فإنه حينئذ يسقط وجوبه بالنسبة إلى الباقين فلا مانع حينئذ من استحباب توليه لهم لعدم لزوم الاجتماع، مدفوعة أولا: بعدم صحة إطلاق الاستحباب عينا إذ حينئذ يختص بهذه الصورة.
وثانيا: بمنع سقوط الوجوب عن الباقين بمجرد تلبس البعض به، ولذا إذا تصدى له غيره قبل أن يفصل الأمر كان آتيا بالواجب فيبقى المحذور.
نعم يمكن أن يجاب عن الإشكال بأن المراد من استحبابه العيني، استحباب المبادرة إليه والمسابقة على الغير فيختلف موضع الحكمين، لكن يبقى إشكال آخر وهو أنه كيف يعقل استحباب المبادرة من كل أحد عينا مع كون الفعل واحدا لا يقبل التكرار؟ بل لا يتصور استحباب مثله عينا وإن لم يكن وجوب.
ويمكن أن يقال: إن مرادهم من التولي ليس مجرد المباشرة بل تولي منصب القضاوة وصيرورته قاضيا في البلد، فموضوع الاستحباب غير موضوع الوجوب.
* * * الفصل الأول في شرائط القاضي وصفاته وآدابه وشروطه أمور:
الأول والثاني: البلوغ والعقل - فلا ينفذ قضاء الصبي وإن كان مراهقا، بل ومجتهدا جامعا للشرائط، بل وإن كان أعلم من غيره،