باب الإلزام بعمل فإن خالف عصى، ولكن لم يخرج عن كونه موقوفا عليه، فكلا الوجهين صحيح وأيهما قصد اتبع، ومع الشك يرجع إلى الأصل.
(مسألة 29): إذا كان وقف لم يعلم مصرفه من جهة الجهل به أو نسيانا من الأول أو في الأثناء، لم يحكم ببطلانه بلا إشكال، وحينئذ فبعد اليأس عن ظاهر الحال، إن كان الترديد مع انحصار الأطراف يوزع عليهم أو يقرع بينهم. وإن كان مع عدم الانحصار.
فإن كان الترديد بين الجماعات الغير المحصورين - كأن لم يعلم أنه وقف على الفقراء أو الفقهاء أو على أولاد زيد أو أولاد عمرو وهكذا - جرى عليه حكم المال المجهول مالكه من التصدق ونحوه ففي خبر أبي علي بن راشد «اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم، فلما دفعت المال خبرت أن الأرض وقف، فقال (عليه السلام): لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في ملكك، ادفعها إلى من أوقفت عليه، قلت: لا أعرف لها ربا، قال (عليه السلام): تصدق بغلتها» (1).
وإن كان بين الجهات الغير المحصورة - كأن لم يعلم أنه وقف على المسجد أو القنطرة أو نحو ذلك من الجهات - صرف في وجوه البر الغير الخارج عن أطراف الترديد.
وأما إذا علم المصرف لكن تعذر صرفه فيه لانقراضه، ففي مثل الوقف على الجماعات قد مر حكمه في مسألة الوقف على من ينقرض غالبا أو لا ينقرض إلا نادرا.
وأما في الوقف على الجهات مثل المسجد والقنطرة ونحوهما، فمقتضى القاعدة بطلان الوقف ورجوعه إلى الواقف أو ورثته، كما في خروج العين الموقوفة عن الانتفاع بها، إذ لا فرق في عدم الانتفاع بين