الفصل العاشر فيما إذا كان جواب المدعى عليه أن المدعي أبرأ ذمته أو أقبضه ما ادعى عليه به أو باعه إياه أو وهبه أو نحو ذلك وحينئذ ينقلب مدعيا، والمدعي منكرا سواء ثبت الدعوى بالإقرار أو البينة أو اليمين المردودة، وفي هذه الدعوى أيضا إما أن يكون جواب المدعى عليه - وهو المدعي في الدعوى الأولى - إقرارا أو إنكارا أو سكوتا أو لا أدري، والحكم فيها كما تقدم، لكن يظهر من المستند الفرق بين المقامين فيما لو أجاب ب «لا أدري» حيث إنه - بعد ما قال الحكم كما تقدم - قال: نعم لو أجاب ب «لا أدري» يكون الأصل حينئذ معه، ويعمل بمقتضى الأصل (1) وفيه: أن فيما تقدم أيضا الأصل مع المدعى عليه، فإن الأصل براءة ذمته مع جهله.
ثم الظاهر أن من قبيل المقام لو ادعى أنه باعه داره مثلا بمائة دينار فأجاب بأنك بعتني، ولكن لست بمشغول الذمة بالثمن، فإن قوله:
«لست مشغول الذمة بالثمن» مع أن البيع لا يصح إلا بالثمن في قوة ادعاء أحد أمور: إما دفع الثمن، أو إبراؤه أو كونه مشغول الذمة للمشتري سابقا فباعه بما عليه من الدين، أو أن مقدار الثمن كان عند البائع أمانة فاشترى بما كان في يده، وكل هذه خلاف الأصل فيرجع الأمر إلى دعوى وصول الثمن إليه، وهو دعوى يحتاج إلى الإثبات.
والحاصل أن البيع بلا ثمن غير صحيح فإقراره به إقرار بوجوب دفع عوض المبيع إليه، والأصل عدمه. فما قد يتخيل: من أن في الدعوى