قالوا بكراهته مع عدم الحاجة، وأن الأولى تركه توفيرا على سائر المصالح.
ويدل عليه: إطلاق مرسلة حماد الطويلة وفيها: «ويأخذ الباقي فيكون ذلك أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة» (1).
وإطلاق خبر الدعائم عن علي (عليه السلام) أنه قال: «لا بد من إمارة ورزق للأمير، ولا بد من عريف ورزق للعريف، ولا بد من حاسب ورزق للحاسب، ولا بد من قاض ورزق للقاضي، وكره أن يكون رزق القاضي على الناس الذين يقضي لهم، ولكن من بيت المال» (2).
فما عن بعضهم (3): من عدم جواز الأخذ مع عدم الحاجة، بل في المسالك: أنه الأشهر لوجوب القضاء عليه فلا يجوز له أخذ العوض كما في سائر الواجبات (4) لاوجه له، لأن الارتزاق غير الأجرة، فإنها عوض العمل بخلافه، فإنه بسبب كون الشخص قاضيا مثلا أو مؤذنا أو نحو ذلك.
هذا، ودعوى: أن المسلم جواز الارتزاق مع الحاجة ولو بسبب القيام بالمصالح المانع له من التكسب محل منع، كدعوى: أن بيت المال معد للمحاويج، فإنه أيضا محل منع، مع أن الخبرين مطلقان. نعم إنما يختص جواز الارتزاق ببيت المال، وأما سائر الوجوه التي مصرفها الخير أو سبيل الله فيشكل جواز ارتزاقه منها بدون الحاجة والضرورة.
(مسألة 19): تحرم الرشوة وهي ما يبذله للقاضي ليحكم له بالباطل أو