من ملاحظة مجموع الخبر، ولذا لا يثبت بالإجازة من مجتهد واحد إذا لم يحصل منها العلم فضلا عن ادعاء نفسه وإن كان عادلا.
(مسألة 8): ما ذكرنا سابقا: من أن المدار على أعلم بلد المترافعين أو ما يقرب منه بناءا على وجوب الرجوع إلى الأعلم، إنما هو على القول بعدم جواز قضاء الحاكم إلا برأي نفسه، وأما إذا قلنا بجواز القضاء بفتوى مجتهد آخر إذا أراد المترافعان، فيمكن أن يكون المدار على الأعلم كما في الفتوى، إذ حينئذ يمكن أن يقضي المجتهدون في سائر البلاد بمقتضى رأي ذلك الأعلم كما أنه ينقلون فتاواه لمقلديه في سائر البلاد.
(مسألة 9): إذا لم يكن في البلد مجتهد يترافعون إليه، يجوز لمن لم يبلغ رتبة الاجتهاد من أهل العلم الفصل بين المتنازعين من باب الأمر بالمعروف، إذا حصل له العلم القطعي بكون الحق لأحدهما من القرائن، أو شهادة جماعة من غير العدول يحصل من شهادتهم العلم، بل وكذا إذا شهد عنده عدلان بناءا على عموم حجية البينة لكل أحد.
ولكن لا يجوز له تحليف المنكر إذا لم يكن علم ولا بينة، لأنه من وظيفة المجتهد، وحينئذ فله السعي في إيقاع الصلح بينهما. ومع عدم رضى المدعي إلا بحلف المنكر قد يتخيل: جواز إيقاع الصلح بينهما بجعل الحلف عوضا عن حق المدعي، بأن يصالح عن حقه بحلف المنكر، أو بشئ جزئي ويشترط عليه أن يحلف، وحينئذ فيسقط دعواه بالمصالحة. ولكنه مشكل، لأن العوض في الصلح أو الشرط فيه لا بد أن يكون مما يمكن أن يملكه المصالح ويستحقه، وباعتقاد المدعي المنكر كاذب، وحلفه حرام، فلا يصلح للعوضية، ولا يمكن أن يملكه عليه، من غير فرق بين أن يكون المنكر عالما عامدا، أو كان معذورا في حلفه