(مسألة 1): إذا كان في البلد أو ما يقرب منه - مما لا يتعسر إرجاع الترافع إليه - مجتهدان متساويان فلا إشكال في تخيير المترافعين في الرجوع إلى أيهما شاءا مع تراضيهما، ومع اختيار كل منهما واحدا سيأتي حكمه. وإن كان أحدهما أعلم من الآخر ففي تعين الرجوع إليه وعدمه قولان، فعن جماعة (1): التخيير أيضا، للأصل، وإطلاقات أخبار النصب، والسيرة المستمرة في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) في الرجوع والإرجاع إلى آحاد الصحابة من غير ملاحظة الأعلمية مع اختلافهم في الفضيلة وعدم الإنكار عليهم. وعن أخرى (2) - بل وهو الأشهر كما في المسالك (3) - تقديم الأعلم والظاهر أن مرادهم الأعلم في البلد أو ما يقرب منه لا الأعلم مطلقا. ولا يبعد قوة هذا القول، لكون الإطلاقات مقيدة بالأخبار الدالة على الرجوع إلى المرجحات عند اختلاف الحاكمين - من الأفقهية، والأصدقية، والأعدلية - مع إمكان دعوى عدم كونها إلا في مقام بيان عدم جواز الرجوع إلى قضاة الجور فلا إطلاق فيها، وأيضا الظن الحاصل من قول الأعلم أقوى نوعا فبالاتباع أحرى، فإن أقوال المجتهدين كالأدلة للمقلدين، وأيضا مقتضى مذهبنا ومبناه قبح ترجيح المفضول على الأفضل، والسيرة المذكورة غير معلومة الحال، إذ لعل كل واحد بالنسبة إلى مكان مخصوص لا يكون أعلم منه في ذلك المكان مع أن باب العلم كان مفتوحا لهم وكان الحكم معلوما عندهم
(٤٢٣)