وربما يستدل على اشتراط الإذن بأن المفروض أن المال بعد باق على ملكية الواهب ولا يجب عليه إقباضه فيحرم قبضه من دون إذنه.
ولا يخفى ما فيه، إذ الحرمة مطلقا ممنوعة، مع أنها لا توجب فساد القبض، وعلى ما ذكرنا، فاحتمال عدم اشتراطه بالإذن قوي، لكن لا يترك مراعاة الاحتياط.
ثم إنهم اختلفوا في أنه هل اللازم كون الإذن في القبض للهبة أو يكفي مطلق الإذن؟ والمشهور على الثاني، وبعضهم على الأول، وفصل بعضهم بين ما إذا أطلق الإذن فيكفي، أو قيده بعدم كونه للهبة فلا يكفي; والأقوى اعتبار كونه للهبة بناء على اعتباره.
(مسألة 18): لو كان المال الموهوب حال الهبة في يد المتهب، فالمشهور صحتها وعدم الحاجة إلى قبض جديد باسترداده منه ثم قبضه ولا إلى الإذن منه في القبض ولا إلى مضي زمان بمقدار ما يحتاج إليه القبض; من غير فرق بين كون يده يد أمانة كالوديعة والعارية والإجارة ونحوها، أو يد ضمان كالمقبوض بالعقد الفاسد وبالسوم. بل حتى لو كانت يد غصب، واستدلوا على ما ذكروه بوجوه:
أحدها: أن ما دل على اشتراط القبض منصرف عن هذه الصورة.
وفيه: منع الانصراف على ما ذكروه من اشتراط كون القبض بالإذن، إذ على هذا الشرط هو الإقباض من الواهب فبدونه لا يكفي، خصوصا إذا لم يكن الواهب عالما بأن المال في يد المتهب أو كان غافلا عن ذلك حين العقد.
الثاني: أن إجراء الواهب للعقد مع كون المال في يد المتهب يكشف عن رضاه بالقبض.
وفيه: أنه إنما يتم في مثل ما إذا قال: وهبتك ما في يدك. لا مطلقا خصوصا مع جهله بكونه في يده، ومثل ما إذا لم يكن في يده بأن كان