فهل تصرف منافعه في التعمير مراعاة لحق البطون، أو هي للبطن الموجود مراعاة لحقه؟ وجهان، لا يبعد تقدم التعمير حفظا لبقاء الوقف وحملا على الغالب من اشتراط الواقفين تقديم التعمير فينصرف إليه.
(مسألة 45): قد تكون الأغراض في بعض الموارد عناوين وقيودا فيدور الحكم مدارها، ولا بد من العمل على طبقها مع العلم بها، خصوصا إذا كانت مستفادة من القرائن المقالية.
مثلا إذا أعطى شخصا مقدارا من الدراهم وأمره أن يدفعها إلى جماعة معينة من الفقراء، وعلم من حاله أو من أطراف مقاله أن ليس له خصوصية مع هذه الجماعة، وأن ليس غرضه إلا الإحسان إلى المضطرين من إخوانه المؤمنين، ورأى المأمور أن الجماعة ليسوا كما تخيل وأن الأوفق بغرضه أن تدفع بعضا أو كلا إلى أشخاص آخرين لشدة اضطرارهم مع كمال تقواهم وصلاحهم، يمكن أن يقال: يجوز له ذلك.
وكذا إذا وكله في شراء جنس معين أو من شخص معين، وعلم أن غرضه من ذلك كون التجارة به أقرب إلى الربح، وعلم الوكيل أن الأقرب إليه الجنس الآخر الفلاني أو من الشخص الفلاني، يمكن أن يقال: له العدول إليه ولا ينافيه كونه خلاف ما أمر به فإنه بملاحظة ما علم من غرضه، كأنه قال: اشتر ما يكون أقرب إلى حصول الربح، فيكون من باب تعارض الاسم والإشارة، ولا يكون الشراء المذكور فضوليا، لأنه موافق لما قصده ورضي به، وإن كان في ظاهر الشرع وظاهر العرف له أن لا يقبل من الوكيل بدعوى أني ما وكلتك في كذا.
نعم لو لم يعلم غرضه لم يجز التعدي عن قوله.
وعلى هذا فنقول: قد يعلم من حال الواقف أن غرضه من وقف داره على أولاده بقاء شخص الدار بيد ذريته لكونها دار آبائه ولها خصوصية، وكذا قد يعلم من حاله لو وقف مصحفا مثلا على أولاده أن