والأقوى الأول، لأنه لا مانع منه إلا ما يتخيل من اعتبار الدوام في الوقف ولا دليل عليه إلا دعوى الإجماع الذي على فرض تماميته إنما هو في مقابل الموقت إلى مدة فلا يشمل المقام، مع أن الصحيحين المتقدمين - مضافا إلى العمومات - دالان على صحته وقفا، سواء أرجعنا الأول إلى الثاني كما ذكره صاحب الجواهر (1) أو الثاني إلى الأول كما ذكرنا، بل مقتضى ذيل الثاني - وهو قوله (عليه السلام): «الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها» - صحته مع قطع النظر عن دلالة صدره.
ودعوى: أن الوقف لا يصدق إلا مع التأبيد فهو معتبر في مفهومه، قد عرفت منعها، مع أنه مناف لصدره. وكذا دعوى: أن مقتضى الوقف الخروج عن الملكية فعوده إلى ملك الواقف يحتاج إلى سبب فبملاحظة هذا لا بد من التزام كونه حبسا; فإنك عرفت أن الوقف إيقاف لا تمليك والخروج إنما يجيء من قبل التأبيد، مع أنا إذا قلنا بالتمليك فنقول: إنما خرج عن ملكه بالمقدار المذكور في الصيغة.
وما يقال: من أنه لا معنى للتمليك إلى مدة ولازم الصحة وقفا ذلك.
فيه: أنه لا مانع منه، فإن الظاهر عدم الإشكال في الوقف على زيد إلى سنة أو أزيد مثلا ثم على الفقراء، فصار ملكية زيد إلى سنة، ولا فرق بين أن يذكر المصرف بعد المدة كهذا الفرض أو لم يذكر كما نحن فيه.
وإن شئت الحق الصريح نقول: لا دليل على اعتبار التأبيد أصلا وأنه يصح حتى الموقت إلى مدة، والإجماع المدعى ممنوع، فإن المنقول عن المفيد (قدس سره) (2) أنه لم يذكر التأبيد من شروط الوقف وناقش في اشتراطه صاحب المسالك (3) وعن المفاتيح الإشكال فيه قال: لأن